– أحمد فؤاد للقاهرية: انتشار الأعمال السيئة من شأنه إفساد الذوق العام
– دور النشر والمجتمع الثقافي العربي لا يتعاملون مع كتب اليافعين بجدية
– حاولت تقديم “عالم موازٍ” كمنصة ثقافية لإثراء المحتوى العربي.
حوار رانيا ضيف
أحمد فؤاد كاتب وقاص مصري، واسع الثقافة، له رؤية واعية وقلم مُتمَكّن اكتسبهما خلال رحلة طويلة مع القراءة وسِعَة الاطلاع، يعمل في صمت فيتقن ويبدع دون الالتفات للأضواء الصاخبة أو انتظار لتصفيق الجمهور. إنما يكتب ليُعَبّر عن ذاته و”ليرسم حروفًا على الورق لخلق بُعد آخر لهذا العالم كما وصف حاله مع الكتابة.
– نرحب بكاتبنا المبدع ويسعدنا أن نصحبك في جولة حول الأدب نتعرف خلالها على رحلتك الإبداعية، عرف القارىء أكثر بأحمد فؤاد ..
أحمد فؤاد مدير مالي بدولة الكویت، مـؤسـس مـنصة “عـالـم موازٍ” الثقافية الإلكترونية لنشر المقالات الاجتماعية والأدبية، ومراجعات الكتب والروايات.
مهتم بالكتب الإلكترونية، وبأجهزة القراءة الإلكترونية ذات تقنية الحبر الإلكتروني. لدي قناة متخصصة على اليوتيوب عن تلك الأجهزة للتعريف بها وتقديم مراجعات لها ونصائح مختلفة متعلقة بها.
لي سـبع قـصص قصيرة مـنشورة إلـكترونـیًا عـلى مـوقـع أمـازون وعـلى مـنصة أبجـد وعـلى منصة عالم موازِ وهم: “دفـتر أسـود – مـحاولـة انـتحار – غـرفـة الـطابـق الـعلوي – الحارس – وجس – آخر أثر لـ”ھو” – الأمير”
لي رواية غیر منشورة بعنوان ”ملامح مفقودة“ مسجلة بمكتبة الكویت الوطنية.
وروایـتین لـلیافـعین غـیر منشورتين بـعنوان ”مـھمة إنـقاذ مستحيلة“ و ”الھـروب مـن اللعبة“. الروايتان مسجلتان بمكتبة الكويت الوطنية.
كما شاركتُ في مشروع لشركة متخصصة في مجال مسلسلات الأطفال لكتابة مسلسل أطفال في أدب الخيال العلمي وتحويله إلى animation
نُشـر لي بـعض الـمقالات النقدية والأدبية وبـعض الـقصص القصيرة عـلى جريدة الـقبس الكويتية وجريدة الراي الكويتية.
كتب حوالي 200 مراجعة عن الكُتب والروايات.
شاركت في مبادرة ”استثمر في الرقمنة“ التي نظمتها ھیئة الأدب والنشر والترجمة.
– خطواتك ثابتة ومدروسة وتعمل وفق مبادئ لا تحيد عنها وربما كان ذلك سببًا في تأخر النشر لأحمد فؤاد، هل ترى ذلك النهج أفاد أحمد فؤاد؟!
ربما أنا شخص مُتردد، وكثيرًا ما كان هذا التردد يُسبب لي مشكلات مختلفة، وخاصة في ضياع عدد من الفرص التي تظهر بشكل مُفاجئ. لا أعرف إن كانت هذه ميزة أم لا، لكنني شخص لا أحب التسرّع، وأغلب الأمور التي اتخذت فيها قرارات سريعة جاءت نتائجها غير مُرضية.
مع كل نص أكتبه ينتابني شعور أنه لم يبلغ درجة النضوج المثالي، وبالتالي مهما حاولت أن أنقحه أو أعيد كتابته، يظل غير ناضجًا في نظري، وبالتالي أتردد في نشره خشية ألا يكون في أبهى صوره.
إجابة سؤالك هي نعم ولا!
نعم… أفادني التفكير العميق والبطيء في بعض المواقف، كونه جعلني أتريّث قبل نشر مقال أو نصّ إلى أن أستأنس بآراء بعض الأصدقاء أو الخبراء في المجال. ولكنه على الجانب الآخر لم يفدني لأنه ضيّع عليّ فرصًا عدة للنشر. لكنني لست نادمًا في الحقيقة، لأن النشر مثله مثل الكلمات التي تطلقها ألسنتنا. ما يُنشر من المستحيل التراجع عنه لهذا فمن الأفضل أن أتأخر في النشر بدلًا من الندم على ما قد نُشر تسرّعًا.
– كتبت لليافعين وعرضت رواياتك في بعض الأوساط المحدودة قبل نشرها فلاقت إعجابا وإطراءً ومناشدات لإنتاج المزيد، ما الأدوات التي استخدمها الكاتب أحمد فؤاد ليكتب لليافعين ليجذبهم خارج إطار الأجهزة الإليكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي (Social media ) لقراءة روايته؟!
كانت وسيلتي لجذبهم هي الكتابة بأدوات بسيطة واستخدام ما هو موجود بالفعل في عالمهم كي لا يشعروا بالغرابة. دمجت التكنولوجيا بعالم ألعاب الفيديو مع حياتهم العصرية في شكل مغامرة مشوقة وفي نفس الوقت تحفزهم على التفاعل مع المجتمع وعلى تذكيرهم بأهمية العلاقات الحياتية والعادات المجتمعية التي تناسبنا.
– الكتابة لليافعين صعبة وتكاد تكون في أزمة حقيقية خاصة في وطننا العربي. تُرى ما أسباب ذلك؟
نعم… قليل جدًا من يكتب لليافعين خاصة في عالمنا العربي، وقليل من أولئك القِلّة لديهم أسلوب جذاب مناسب لذلك السن. من الصعب جدًا إقناعهم باستقطاع وقت للابتعاد عن عالم ألعاب الفيديو واليوتيوب.
أيضًا هناك مشكلة في أن دور النشر والمجتمع الثقافي العربي لا يتعامل مع كتب اليافعين بجدّية، ولا يُقدّرونها بشكل مادي مقبول. ومع انخفاض الطلب الُقرّاء اليافعين فإن العرض ينخفض طرديًا وبالتالي تنأى دور النشر عن نشر هذا النوع من الكتب، وينأى الكُتاب عن الكتابة في مجال لن يحقق لهم استفادة مادية ولا معنوية.
أيضًا نحن نفتقد في عالمنا العربي إلى الرسامين الذين يصنعون أغلفة كتب جذابة لجيل اليافعين، كما أن لدينا نقصًا حادًا في مصممي الشخصيات الرسومية illustrators .
– أنشأ أحمد فؤاد منصة عالم موازٍ، حدثنا عن فكرة إنشائها وما طموحاتك لها في المستقبل؟
حاولت تقديم “عالم موازٍ” كمنصة ثقافية لإثراء المحتوى العربي، تُقدم مقالات أدبية وثقافية متنوعة ومراجعات للكتب الروائية وغير الروائية، كما تقدم لقاءات مع بعض المثقفين العرب.
وأن تكون مرجعًا عربيًا هامًا للقراء المهتمين بالقراءة الإلكترونية وأجهزة الحبر الإلكترونية، حيث إنها المنصة العربية الوحيدة التي تُقدّم مراجعات ونصائح ومقارنات لتلك الأجهزة.
حلمي أن تكون منصة عالم موازٍ منصة ثقافية مُتكاملة تساهم في الارتقاء بالمحتوى العربي والأدبي. وأيضًا أطمح لزيادة الشراكات مع الكُتاب والأدباء والمثقفين في المستقبل بإذن الله. وآمل أن تكون منصة عالم موازٍ ناشرًا إلكترونيًا للكتب الرقمية.
– حللت ضيفا في حوار أجرته هيئة الأدب والنشر والترجمة بالسعودية بعنوان ” اختيار الحاضر وتوجه المستقبل عن الكتب الرقمية في تعزيز تجربة الكتابة” هلا نقلت للقراء أهم ما تم طرحه في هذا الصدد؟
كان الحوار عن تجربتي مع القراءة الإلكترونية وكيف ساهمت في زيادة حصيلة الكتب التي أقرأها.
أيضًا ناقشت مميزات الكتب الإلكترونية والقراءة الإلكترونية بشكل عام، وذلك لكل من القارئ والناشر من الجانب الاقتصادي. كما تحدثت عن إشكاليات النشر الذاتي في الوطن العربي.
أيضًا أوضحت أن الزعم بأن الكتب الإلكترونية أكثر عرضة للقرصنة، غير صحيح، حيث أن الكتب الإلكترونية (المحميّة الحقوق) أقل عرضة بكثير مقارنة بالكتب الورقية والتي يُمكن قرصنتها بسهولة ومن خلال أي شخص لديه معرفة تقنية بسيطة.
كما تحدثت عن أهمية تعدد قنوات النشر الإلكتروني، وعن دور النشر والناشرين في إثراء المحتوى العربي المحلي والعالمي
– ازداد عدد الكُتاب بشكل هائل. هل ترى أن هذا الأمر يؤثر سلبا على الواقع الثقافي؟
قد أكون مُندفعًا وأجيبكِ بأنه نعم. يُؤثر هذا على الواقع الثقافي بكل تأكيد. فمع ازدياد الكُتب بهذا الشكل السرطاني ومع الاطلاع على محتواه، نجد أن أغلبه غثاء. ركاكة وسطحية في أكثرها، وفي رأيي أن هذا يعود لسببين، الأول هو تشجيع بعض دور النشر لبعض الكُتّاب الذين لا يملكون موهبة الكتابة، ويعتمدون على عشرات الآلف من متابعيهم وسائل التواصل الاجتماعي مما يضمن بيع جميع نسخ تلك الكُتب أو أغلبها على الأقل. والسبب الثاني هو السهولة المفرطة للنشر الذاتي الإلكتروني،
لكن في رأيي أن إتاحة الفرصة للجميع لتقديم كتباتهم أمر جيّد. صحيح أن انتشار الأعمال السيئة من شأنه إفساد الذوق العام، لكن هنا يظهر دور المُثقّفين والكُتّاب الكبار في دعم الكتابات الجيدة لصغار الكُتّاب، وتوجيههم وإرشادهم. بالإضافة إلى ضرورة تفعيل دورهم النقدي لرفع الوعي الأدبي والنقدي لدى القراء.
– قمت بإلقاء محاضرة أخرى في المؤتمر الأول للنشر الرقمي في السعودية ديسمبر ٢٠٢٢ بعنوان “كيف نعزز العلاقة بين المؤلفين وبائعي الكتب؟ حدثنا عنها
تحدثت عن وسائل التواصل والتسويق الإلكتروني، وكيف أن قَصْر الاعتماد على تلك المواقع لمعرفة آراء القُراء واتجاهاتهم وتفضيلاتهم، من الممكن جدُا أن يكون مُضللًا حيث أنه يُعبر عن شريحة محددة لا يُمثلون جمهور القراء كله. لهذا يجب على الموزعين ودور النشر الانتباه لتلك النقطة والتي تؤثر على خططهم التسويقية أو قراراتهم لنشر الكُتب.
أيضًا تحدثت عن مميزات الكتب الإلكترونية للناشر قبل القارئ، ومنها تخفيض سعر النشر من خلال تخفيض الكميات المطبوعة وتقليص مساحات التخزين والقدرة على البيع بأسعار منخفضة ومغرية. وهذا من شأنه توسيع قاعدة القراء والوصول إلى شريحة جديدة من القراء.
قمت بمحاضرة بمكتبة تكوين بالكويت بعنوان ”هل سنرى يومُا كتابًا ذكيًا؟ الذكاء الاصطناعي وتأثيره على مُستقبل الكُتب“، كيف يرى أحمد فؤاد ذلك التأثير؟
استعرضت فيها الإمكانيات التي من الممكن أن يُستفاد من الذكاء الاصطناعي في مجال القراءة والنشر. فمثلًا تحدثت عن صناعة المحتوى الصوتي ومساهمة الذكاء الاصطناعي في تسريع عملية تحويل الكتب النصية إلى كتب صوتية بشكل عام، كما يُمكنه صناعة كُتبًا صوتية مُخصصة تناسب ذوق كل قارئ حسب الصوت والنبرة التي يرغب فيه الاستماع إليها.
أيضًا تحدثت عن توفير الذكاء الاصطناعي لتنوع دقيق ورائع لكتابة كتب السير الذاتية وحتى الكتب العلمية التي هي بالأساس عبارة عن عملية بحث طويلة ومُتشعّبة ومرهقة.
كما نبّهت إلى خطورة الاعتماد الكامل على الذكاء الاصطناعي لأنه من الممكن أن يحوّل الكُتّاب إلى مجرد موارد ومدخلات لتحسين مُخرجات الذكاء الاصطناعي. وتساءلت عن كيفية تعامل دور النشر مع هذا الأمر وإلى أي صف ستنحاز؟
وأخيرًا نصحت بأننا ربما لا نستطيع الوقوف أمام التقدّم التكنولوجي الكاسح، لكن على الأقل يُمكننا أن نضع قوانينًا تحد من تأثيره المتوقع.
— من خلال قراءاتك، ما المعلومة أو الحكمة التي كان لها تأثيرًا عميقًا في تطور وعي أحمد فؤاد أو عملت على تحسين جودة حياته .
حكمتان لأحمد خالد توفيق رحمه الله تعالى:
• أحيانًا يساعدنا الآخرون بأن يكونوا في حياتنا فحسب.
• الثقة بالنفس كلام فارغ… سوف يدهشك كم الأشياء التي لا تعرفها أو لا تجيدها. المُهم أن تثق بقدرتك على أن تكون أفضل.
– كان للكتاب القدامى دورًا عظيمًا في دعم وتبنّي الكتاب الموهوبين؛ في رأيك لماذا تراجع هذا الدور الآن؟!
صحيح… أوافقكِ في أن هناك تراجعًا في إدراك الكُتاب الكبار لحقيقة دورهم الأدبي والثقافي، متغافلين عن أهمية تقديم الدعم للكُتاب الموهوبين.
ربما جزء من سبب هذه المشكلة هو تحكّم دور النشر والمؤسسات الضخمة في حركة النشر وفي الترويج للكُتّاب الكبار وأحيانًا في التأثير بشكل غير مُباشر أو المُباشر على لجان التحكيم ومن ثَمّ منح الجوائز، وبالتالي أصبح الكُتّاب يخشون تخليّ تلك المؤسسات الضخمة في الترويج لكتاباتهم ولشخصياتهم في المحافل الأدبية والثقافية المختلفة. بل ويُمكننا أن نرى أن هناك بعض الكُتاب القُدامى يُرشحون بعض الكُتاب الموهوبين بناء على رغبة دور النشر وليس بناء على إيمانهم الشخصي بموهبتهم.
والحق أن هذه الظاهرة ليس حديثة وليست خاصة بمجتمعنا العربي، هي مستشرية في العالم الغربي أيضًا.
– تقول كاثرين هاريسون: “أكتب لأن هذا الشيء الوحيد الذي أعرفه والذي يمنحني الأمل بكوني جديرة بالمحبة “
أمّا نزار قبّاني فيقول:
أَكْتُبُ..
كيْ أُفَجِّرَ الأشياءَ، والكتابةُ انفجارْ
أكْتُبُ..
كي ينتصرَ الضوءُ على العُتْمَةِ،
والقصيدةُ انتصارْ..
فما الذي تمثله الكتابة لأحمد فؤاد؟
أكتب كي أكون
كي أشعر بأنني في حالة اتزان
وأكتب
كي أُضيف بعدًا آخر لهذا العالم.