بقلم _نهال يونس
الطب هى مهنة إنسانية فى المقام الأول تهدف دائما إلى تخفيف آلام المرضى والمحافظة على صحتهم النفسية والجسدية، فهى مهنة إنسانية قبل أن تكون علمية، الأخطاء الطبية موجودة بالعالم كله وفي مصر النصيب الأكبر فالإهمال الطبي للمرضي يبدأ من عدم الإهتمام الكافي بالمريض منذ لحظة الكشف عليه داخل العيادات الخارجية بالمستشفي أو حتي الإستقبال فلا يعطي له الفرصة للتحدث عن أوجاعه وما يشعر به ويكتفي بالفحص السريع قد يكون لضيق الوقت وزيادة عدد المرضي وإنشغال الطبيب ومواعيده المتلاحقة ما بين مروره علي مرضاه في أكثر من مستشفي خاص وعيادته الخاصة نتيجة الحالة الإقتصادية التي يعيشها وبالتالي عدم التركيز وكثرة الأخطاء كما يرجع بعضها لقلة الخبرة وعدم الوعي الكافي لحماية المريض ورغم أن الأخطاء واردة في كل المهن والفئات إلا إن إهمال الأطباء وأخطائهم أخطر من أي مجال آخر لتعاملهم مع أرواح مسؤولة منهم ،إلى جانب ضعف الإمكانيات ونقص الأدوية وقلة اسرة العناية المركزة تسهم في نسبة الإهمال والأخطاء التي تزهق أرواح المرضي،إن الفساد متعدد الأطراف والمستويات فإن أول انطباع للمريض منذ لحظة دخوله يكون سوء معاملة الموظفين الإداريين بمكتب الدخول وتعمدهم اصطحاب المريض للغرف المتهالكة ليجد المريض ومن معه المراتب ممزقة والوسائد قذرة والدولاب مكسورا ليرفض المريض الإقامة بها حتي لا يكون عبئا عليهم فهو نظام تطفيش إلى جانب العاملات الذين يطوفون حول المريض ومن معه للدعاء له وترتيب السرير ووضع كيس في سلة المهملات ولابد وأن يكون مع المرافق خزينة بنك لإرضاء كل من يدخل عليهم لننتقل إلى المستوي الثاني من الإهمال في فريق التمريض غير المدرب فليس لديهم الخبرة الكافية ولم يحصلو على أي دورات تدريبية أو ثقافة طبية حديثة بالإضافة إلى مشاكلهم الشخصية التي تنعكس علي المرضي والتحدث مع زملائهم بالساعات وترك المريض دون رعاية بل يصل الإهمال إلى التأخر في إعطاء المريض الدواء بالساعات عن مواعيده المحددة أو إعطاء المريض الدواء ليأخذه بنفسه ولا تعقيب وعند صراخ المريض من تدهور حالته وآلامه يتركوه قائلين سنبلغ الطبيب بالحالة رغم أن بدايات التمريض عند شكوي المريض يجب متابعتهم وإبلاغ الطبيب في الحال.
الاخطاء القاتلة لا تتوقف، برغم من تصريحات رئيس لجنة الشؤون الصحية بمجلس النواب الصارمة عن انتهاء الأوضاع السيئة بالمستشفيات في مختلف أنحاء الجمهورية، إلا أن الأزمة لم تنتهِ،ولنصعد إلى المستوي الثالث في الإهمال الجسيم والأخطاء المدمرة لنرى بعض الأطباء ذوي الذمم الخربة والضمائر المعدومة فبعضهم يسرق المريض لعيادته أو لمستشفي استثماري ويعطي له موعدا وكارت لإستقباله هناك أو يحول المريض من حالة المستشفي لحالة خاصة لأخذ أتعابه خارج حسابات المستشفي أو يقاول المريض على حسابه بمفرده وبذلك يأخذ أجرة مرتين ومنهم من يغير من توصيف العمليات التي يجريها بمعني يجري الطبيب عملية جراحية صغيرة بالمستشفي مثل جراحات اليوم الواحد ويسجلها بأنها مهارة أي عملية كبيرة والمريض يدفع الأتعاب دون دراية وتحسب لمصلحة الطبيب بجانب عدم الخبرة الكافية لإجراء جراحات ينتج عنها مشكلات لا حصر لها فكل هؤلاء حولوا مهنة الطب من مهنة سامية يمارسها ملائكة الرحمة إلى تجارة غير إنسانية يمارسها مقاولين وشياطين الإنس فكل هذا الفساد الطبي المستمر والمنتشر بجميع المستشفيات أساسه الإهمال الإداري بمعني إذا كانت إدارة المستشفي لم يكن لديها دراية كافية بكل كبيرة وصغيرة تحدث فهي إدارة ضعيفة ولا تستحق مكانها لإعتمادها علي موظفين دون خبرة يديرون المستشفي لحسابهم فيحدث السرقات والإهمال والأخطاء بداية من الموظفين بالمخازن والعمال لتصل إلى الأطباء ،ولكن حتى نكون منصفين فالإهمال الطبي ليست ظاهرة ومثله مثل أي إهمال يحدث في أي قطاع بل يوجد في القطاع الطبي بنسبة قليلة جدا وإنما ما يجب أن يثار هو ظاهرة تردي الخدمة الصحية الناتجة عن ضعف الإمكانيات المقدمة والموارد المتاحة وغير المتوفرة في المستشفيات الحكومية وليس بسبب الأطباء فالمشكلة الأساسية هي مشكلة إدارة ونقص موارد وإمكانيات، فعدوى الإهمال واللامبالاة انتقلت من مستشفيات الحكومة إلى تلك المنتجعات العلاجية التى من المفترض أن يحظى فيها المريض بكل أشكال الرعاية والاهتمام ، سبوبة المستشفيات الخاصة، هذا المصطلح أصبح دارجًا بين كافة طبقات المجتمع المصري نظرًا لما اعتادت عليه مجموعة ليست بقليلة من المستشفيات الخاصة من بيع مهنة الطب السامية كسلعة، والقيام بواجب كافة المؤسسات العلاجية في إنقاذ حياة المرضي وعلاجهم أصبحت بالنسبة لهم تجارة، لا يهم فيها سوي تحقيق الربح المادي فقط، بالإضافة لتحميل المرضي فوق طاقتهم وإجبارهم علي إجراء عدد كبير من الفحوصات الغير ضرورية، بهدف تحقيق أعلي عائد مادي ممكن فهل يعقل أن تكون ميزانية الصحة في الموازنة العامة بأي بلد تحافظ علي صحة مواطنيها لا تتعدي 5% ونقول الإهمال, فالإدارة وعدم اهتمام الحكومة بالصحة هي المتسببة في سوء أحوال الخدمة الطبية المقدمة للمريض.
رئيس مجلس إدارة جريدة القاهرية