فاطمة عبد العزيز محمد
ينبغي للإنسان أن يتفنن في إرضاء الوالدين، ليتخذهما طريقا إلى الجنة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( رغم أنف امرئ أدركه والديه فلم يدخلاه الجنة )، وعلى ذلك فلا يجوز للأولاد أن يطيعوا والديهم في معصية، ولا يجب عليهم أن يطيعوهم في تفصيلات الحياة الخاصة كنحو إشارتهم بالزواج من امرأة معينة، ولكنه من تمام البر وليس من واجباته.
وطاعة الوالدين من أوجب الواجبات التي أمر بها الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم وحق الوالدين عظيم ولهذا جاء حقهما في الترتيب بعد حق الله تعالى مباشرة، قال تعالى:{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً} سورة الإسراء الايتان 23-24، وقال الله تعالى:{وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً} سورة النساء الآية 36، وقال تعالى:{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} سورة العنكبوت الآية8، وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :(أفضل الأعمال أو العمل الصلاة لوقتها وبر الوالدين) رواه مسلم، وعن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( رضا الرب في رضا الوالد وسخط الرب في سخط الوالد ) رواه الترمذي وابن حبان وهو حديث صحيح كما قال الشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة حديث رقم 516.
وقد أوصى الإسلام بالآباء خيرًا ونهى عن قطيعتهم وإيذائهم أو إدخال الحزن عليهم، ويعد عقوق الوالدين من أكبر الكبائر ومن أسباب دخول جهنم والعياذ بالله فقد ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثاً، قالوا: بلى يا رسول الله. قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وجلس وكان متكئاً، فقال: ألا وقول الزور. قال: فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت) رواه البخاري ومسلم، وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ثلاثة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة العاق لوالديه والمرأة المترجلة والديوث) رواه أحمد والنسائي وابن حبان.
وعقوق الوالدين من الذنوب التي يعجل الله تعالى لصاحبها العقوبة في الدنيا مع ما ينتظره في الآخرة، وليس هناك نص معين يحدد نوعية هذه العقوبة، وقد يكون من عقوبته في الدنيا أن الله تعالى يبتليه ويعاقبه بعقوق أبنائه، فيعاملونه كما كان يعامل أبويه أو أشد، فالجزاء من جنس العمل.