بقلم / محمود أمين
يا عاشقة الورد أبثك هذه الكلمات وأنت أعلم الناس بي، وألمك من هذا الفراق كما يحمل الريح عطر الخزامى وعبق الياسمين، وأسبح في فلكات الحب ودروبه البعيدة كي أسترجع لحظة واحدة كنت فيها بين يدي باسمة مستبشرة.
ليت الأرض تطوى فأرى عينيك مرة واحدة وأتنفس طيب أعطافك، وأضمك ضم الغائب المسافر.
حرفي أرهقه السفر، وكلماتي أتعبها الانتظار، وتعبت من كثرة الخيال، فأين أنت؟
يا وردتي الجميلة هلّا تجودين على حبيبك ببعض رقتك وحلاوتك بزيارة خفيفة.
عزيزتي أهلا
أحاول ألا أفكر بك، وحين أحاول في ذلك أفكر بك.
الحياة تمضي بسرعة جنونية، والعلاقات تكتسب سماتها من سرعة الحياة، وما من تواصل إلا مكتوب عليه السرعة بعدك، الكل يمضي ولا يترك أثرًا، فما بال روحك مرت ولم تمضي، بل ظلت باقية ساكنة في القلب. زاد حبك الخيط تعقيدًا وزادت قوته بكل هذه العقد، ما كنت أحسب أن الحبل بيني وبينك بهذه المتانة إلا بعد هذه الفرقة وهذا الهجر الطويل. أخذت معك الأنا التي يمارس بها الناس حياتهم ويكونون علاقات جديدة ومتأصلة والتي تميز الفرد الواحد عن غيره، والقلب مأخوذ من يوم أن اكتحلت عيني بعينيك، فأنا مأخوذ بالكلية لم يبق مني إلا صورة الجسد، وهذا الصوت الذي يتردد صداه عبر فراغك الشاسع.
لو كنت أعلم أن رسائلي تصل إليك لهممت بتنسيقها وتشذيبها وصياغتها صياغة تليق بك أيتها الأميرة، ولكتبتها لك بخط يدي ووسمتها بخاتمي، ووضعت لك أسمى عبارات الحب التي يخصصها المحبين وتتداول فيما بينهم، ولكن رسائلي لا تصل، وتقع أمام محب قد يقتبس منها أجزاءً ويهديها لمن يحب، وقد يكتب الله لها الانتشار ولكنها لا تصل إليك البتة.
غرس الحب لا يبهت أبدًا بل يتجدد بندى الذكريات، ويطالب بحقه كمن أوتي قوة في ساعديه يجذب إليه ما يريد بقوة، وهو بهي المظهر إذ يرتوي من شخصين هما محب وحبيبه، فلو بات أحدهما في فرح لأصاب الفرح صاحبه، ولو ضاقت الدنيا على واحد ولم يجد متسعًا لفتح بابًا على هذا الغرس؛ ووجد جنة خضراء، ومستقرًا آمنًا به من جميل الثمار التي كانت في الماضي معاني الحب وأفعال الحب وإيماءاته ولسعاته وحرارة أشواقه. ترى كم محب في هذه النقطة؟ وهل استطاع أن يتجاوز هذه الجنة المؤلة؟
سلام على عينيك الجميلتين حتى ألقاك يا شبيهة العصافير في خفتها وشدوها.
أتعلمين أني تعلمت الجمال من قسمات وجهك، وجعلتك مادتي الفنية التي أستقي منها المعاني المبتكرة، ورسمتك شجرة عالية في دفتري، وتأملتك طويلًا كأن أصلك هذه الشجرة، وأعدت النظر فانقدح في ذهني أن الأشجار تعني لي الكثير إذ تمثل الاستقرار والأمان والوطن؛ وإذا مثلت لي الوطن فلم أنا غريب عنك يا وطني أحرام على بلابله الدوح حلال للطير من كل جنس؟
والسلام ختام فقد حل الظلام وكسا الأرض حياءً من ظلمته، وتوارت الناس في بيوتها لتجدد أنفسها بالنوم لاستقبال يوم جديد، وأنا في قصتك يقظ ومنتبه لا أستطيع النوم، فقد حل الأرق محله وحل الخيال محل الحقيقة.
الله يحفظك ويرعاك يا عزيزتي!