رحلتي مع الأقدار

بقلم/ أنتصار عمار
..منذ صغري ،وأنا لا أشبه أحداً،ولا أحد يُشبهني،أتيت هذه الدنيا لأكون فريدة من نوعي ،في كل شيء ،في خجلي،في إنطوائيتي ،في طباعي،في رومانسيتي ،،في رقتي المتناهية ،في علاقتي مع الله عز وجل ،حتي بمرحي والذي كنت أحسه أحياناً لا يتماشى مع طبيعتي الخجولة ،وفي قلبي ،وهذا أكثر شئ جعلني أحس وأشعر بإختلافي عن سائر البشر ،فهو لين رقيق ،لا يحتمل قسوة البشر ، يبكيه صوت دمعة أى أحد، يستفزه صولجان الظلم لأي شخص ضعيف
فقد كان لي عالمي الخاص بي،والذي رسمته لنفسي،بل وأصطنعته لها ،حتى سكنته،حييت به قلباً أبيضاً شفافاً رقيقاً،لم تلونه طباع البشر ،وكبرت شيئاً فشيئاً ،ولكن ظللت كما أنا الزهرة البيضاء البريئة ،في عالم يحارب اللون الأبيض ولا يغلب عليه سوى اللون الأسود،لم يكن لدي أي خبرات بالحياة ،فكل عالمي كان الشعر الذي أكتبه،وخيال أحياه،ورسمة لصورة شخص رسمتها بخيالي ،تمنيت يوماً أكبر ،فألقاه، ليكون هو كل عالمي ،وكم أكنت أعشق الأفلام الرومانسية التي كانت تعرض بالتليفزيون المصري ،وكنت أتأثر بها جداً لدرجة تبكيني لأيام ،ولا تضيع أحداث كل فيلم من بالي ،ومرت سنون وسنون،وأنا كما أنا ،وأنهيت مراحل دراستي التعليمية ،ولم يتغير في شيء،وكان تعاملي في الحياة قاصراً على
زميلاتي ،ومدرسيني ،وأساتذتي (دكاترة الجامعة)،والحمد لله ،من فضل ربي
كنت محبوبة من الجميع ،وتوالت الأيام ومرت السنوات ،وعصفت بيَّ الرياح،وألقتني بأراضٍ،لا أعرف بها أحداً،ووجوهاً لم أرها من قبل ،وساقتني الأقدار بخطى إلى عالم لا يشبهني ،عالم ليس له أية معالم ،وسرت بهذه الخطى،وأنا لا أملك شيئاً سوى قلبي ،هو ما أملكه في هذه الحياة،وهو أغلى عندي من الدنيا بأسرها،ذلك القلب الملائكي الذي لطالما أتعبني عمراً

عانيت الكثير والكثير ،وأسكنتني الأقدار هضاباً،لأول مرة أهبط بأرضها، هضاب الأحزان ،تلك الأحزان التي أوجعت قلبي ،ورسخت داخلي فكرة أنني لم أُخلق لهذا العالم ،وأنني جدُ مختلفة عن كل البشر ،ظللت أسير بخطى رتيبة ،بطيئة،فدرب جراحات الحياة دوماً طويل خاصة إذا كانت جراحات غائرة ،ولا يُرجى شفاؤها،لكن رغم هذا كنت أحاول أعلو فوق هذه الهضاب ،لأعبر عالماً آخر ،ولكن كلما هممت ،إذ بي أجدُني والحزن يغمرني ،وتعصف بي رياحه،أعتدت عليه ،صرنا رفقاء درب،وأصبح لدي يقين بأن السعادة لا تعرف عنواني ،بل ولن تعرفه،وكأن الأقدار خبأتني وأخفتني تحت بروجها ،فغبت عنها وغاب عنها إسمي ،ولم أُسجل بقوائم ساكنيها
ورضيت بحكمة الأقدار في دربي ،ذلك الدرب الشاق المرير ،الموجع،وظل قلبي هكذا لم تكتب له الحياة ،سوى بين جنبات ضلوعي،ينبض ويحس ولكن شهيق دون زفير ،حتى أتاني القدر يوماً زائراً ،أتاني في ثوبك ،أتاني فيك ،لاقيتك دون أن ألقاك ،ولاقيت بك أملاً جديداً ،يحلق بسمائي، ويسطع ،جذب قلبي إليه ، ولا أدر كيف! لكنه حدث،صار هو المصباح الذي يضئ عتمة ليلي ،عشقت به حياتي ،تمنيته قدري،تمنيت أُكملُ معه دربي،لكن سرعان ما عصفت بي رياح الخيال وأطاحت بي لأرض الواقع وألقت بي في شباك المستحيل ،وأسكنتني هضاب الأحزان مجدداً،حينما غاب عني صوته في رسائله ،فكم كان صوته يحييني،حينما قرأت كلمة الوداع في عينيه ،بعدما كانت عيناه موطني ،ونُفيت منها ،كم كان هذا مؤلماً! ،كم كان هذا مميتاً!

..مسكين قلبي ،ذاك القلب الذي خُط له أن يحيا وحيداً وجراحات الهوى

..وهذه رحلتي مع الأقدار ،تعصف بي تارة ،وتحنو قليلاً تارة أخرى ،وبين العصف والحنو سيل دموع ومرار

وما أشد وجعاً من قلب أحب ،وحطمته رياح العوائق والعقبات ،وألقت به حياّ في النار!!

رحلتي مع الأقدار
Comments (0)
Add Comment