كتبت _ وفاء خروبة
عندما تعشق تلك الروح أجزم أنك ستكلمها وإن لم تكن في محيط عينيك، تشعر بألمها قبل أن تقول لك ، تستشعر فرحها قبل أن تنطق، تعشق تفاصيل لم ولن يراها أحد غيرك ، في عشق الروح قلبك هو الكاتب ، وعيناك هما الناطقتان ، ونبضك المتسارع يحضن نبضه بشوق، وتسري في جسدك قشعريرة في حضور عينيه وكأنها لحظة ولادة من جديد ، في كل مرة تحضر عيناه ستشعر بهذا الشعور ، ستتنفس من أنفاسه فقط ، ستنبض به فقط ، هذا عشق الروح ، عشق يرى كمال الكمال في نواقص روحك ، في روحه وهو يري كمال الكمال في نواقص روحه في روحك
يبدأ إدراك البشر لوجودهم ومحيطهم عبر إدراكهم لجسمهم وفهمهم للحياة، وفي الصراع نحو فهمنا للوجود ندرك مفهوم الحب عن طريق نمو الأحاسيس، فالحب يمثل الوجود المتقن الجميل، لقد ظل الحب تجربة ضرورية منذ فجر الوجود البشري يرفع الإنسان لدرجة ملامسة إنسانيته الكاملة ومميزاتها، كان أرسطو يقول: “أن نحب يعني أن نستمتع بالحياة، فبدون الحب تغيب البهجة عن الحياة وتنطفئ السعادة ويتخلخل الوجود.”
يقول إريك فروم إن أي نظرية عن الحب يجب أن تنطلق من نظرية عن الإنسان وعن الوجود الإنساني، بالنسبة له فالحب جواب يملأ الفراغ الذي يعيشه الإنسان ورد فعل ضد القلق والعزلة اتجاه الكون، إن الحاجة للتوحد مع شخص أخر وربط مصائرهما معا هو الحل الأمثل للعزلة البشرية وانفصالها. يقاوم البشر النقص بالحب، فنبحث عن حبيب مثالي تتوفر فيه نواقصنا أو نلصق فيه خيالنا ومتمنياتنا جاعلين منه حبيبا مثاليا، فهل نحن في الأصل نحب الشخص لذاته وكينونته أم نحب صفاته فقط
هل ندرك حقا من نحب؟
لا يؤمن الحب بأي قوانين ماعدا قانون السمو، فعبر السمو يرفض الحب كل إشكال الواقع ويتمسك بالتعالي، وهنا تكمن عظمته وفي نفس الوقت خطورته، فبين مقولة الفيلسوف الألماني كارل ياسبرز “أنت فان بلا حب، وخالد مع الحب” ومقولة عالم النفس الفرنسي جاك لاكان “الحب هو نوع من أنواع الانتحار”، يبقى إدراكنا للحب وللفرد الذي نحب إشكالا فلسفيا يتخبط بين الخيال والواقع. يرى جاك لاكان “أنه من المستحيل معرفة من نحب لأن هويتنا تبقى محبوسة داخل الجسد ولا يظهر منها للعالم سوى الشكل الخارجي والذي لا يمكن أن يجيب عن سؤال من نكون حقا” ويعتقد جاك أننا نلصق خيالنا عن الحبيب الذي نحلم به فوق جسد الحبيب الواقعي ونغرم بحبيب اختلقته خيالاتنا
يقول الفيلسوف السلوفاني جيجيك:” أننا لا يمكن أن نحب شخصا كاملا فلابد من وجود شيء صغير يزعج فيه، وبملاحظتك لذلك الشيء يمكنك إدراك أنك تحبه بالفعل وأن تقول بكل ثقة أنك تحبه رغم عيوبه، ولابد هنا من استحضار مقولة للكاتب المصري نجيب محفوظ “أقصى درجات السعادة أن نجد من يحبنا فعلا، يحبنا على ما نحن عليه، أو بمعنى أدق يحبنا رغم ما نحن عليه”.
رئيس مجلس إدارة جريدة القاهرية