أنا الخديوي (3) الجزء الأخير

بقلم/ دكتورة مايسة إمام 
وبين غروب وشروق وجد صبر نفسه حاكما للبلاد ، وذاق من الطعوم التي لم يكن يحلم به أو يعرف له وصفا واسما ليشبع شبق سنوات عجاف وجاءته ملاذ الحياة تتدلدل عليه ، تغازله وتطلب وده ورضاه بعد طول مجافاه
هاهو يرتدي الحرير وماطرز بالذهب ورصع بالجواهر وينعم بوثير الفراش ، هاهو يروي ظمأ سنوات القحط والفقر…
غرق صبر للثمالة في النعيم الذي لم يألفه أو يعرفه من قبل وبين الفينة والأخرى تأتيه مظلمة ليردها أو مطلبا ليحققه أو قضية ليحكم فيها فينظر لأحدها مره وينسي مره وذابت أمور البلاد والعباد تحت رحى النسيان
ذات يوم وأثناء نومه وشعر ببروده شديدة تزحف وئيدة بأنحاء جسده كالأفعي وتجمدت أطرافه وصار يرتجف بردا وخوفا ، فتح عينيه ليجد نفسه في ليل حالك السواد فزاد رعبا وهمّ ينادي الخدم والحشم لكنه فوجئ وكأنما قيد بالفراش وعجز جسده عن النهوض ، فاطلق صرخة قوية لكنه لم يسمع لها صدى ولكن سمع من يقول له بصوت أجش……..
قم ياعبد الله وقل من ربك ؟
ومادينك ؟ ومن رسولك ؟
فيما أنفقت حياتك ؟
هل أديت صلواتك وزكاتك ؟
هل أديت الحقوق لمن لأمرهم ملكوك ؟
هل رددت المظالم وكنت برعاياك عالم ؟
كم انفقت في سبيل الله حين ملكت ؟ أم غرتك الدنيا فهلكت ؟
قم واقرأ كتابك فقد حان وقت حسابك
أيقن صبر حينها أنه هلك حين غرق و حين نسي المهلة التي منحها له الخديوي ليصلح فيها ما فسد ويضرب علي يد الظالم بقوة وجلد ، ويعيد للمحرومين أيامهم المسلوبة
لكنه لم ينتبه للمهلة الكبرى التي تسللت منه غفلة ، وحان وقت الحساب الذي لم يعد نفسه له
حينها تمنى صبر لو لم يأت إلى هذا القصر ، تمنى لو ظل تحت نير قضبان السكة الحديد وأدرك أن من أروقةالقصور وكراسي الحكم ينتج العسل المر ، فتلك القصور قبور لحقوق ونذور منسية
أخذ صبر يصرخ مرددا : خرجوني من هنا ، أنا مش الخديوي
أنا مش الخديوي
حتي وجد يد تمتد إليه لتزيل سيل العرق الذي سال من جبهته رغم احساسه بالبروده وتربت علي صدره برفق وتقول
صبر …صبر ، بسم الله الرحمن الرحيم مالك يااخويا انت بتحلم ولا ايه ؟
فتح عينيه ليجد وجه زوجته أمامه متأثرة بحالته ، ووجد نفسه في أحضان فراشه المتواضع وجدران غرفته المتهالكة فأخد يقول : الحمد لله ، الحمد لله إنه كان كابوس هقوم اتوضى وأصلي ركعتين شكر لله على النعم اللي احنا فيها
تمت

أناالخديوي (3) الجزء الأخير
Comments (0)
Add Comment