الحشرة المخنثة

 

كتب _ محمد أحمد 

 

هي نوع من انواع الديدان اسمها ( الديدان المسطحة – Planarian ) ودي بتعيش في المستنقعات والبرك والأنهار وعلى الأشجار.. يعني بإختصار موجودة في كل حتة تقريبا.. الديدان دي تكوينها مُسطح، ولو قسمتها بالطول لنصفين؛ هتلاقي النص الشمال واليمين متماثلين تماما وعندها جهازين تناسلين ( ذكر وانثى) في نفس الجسد..

التجدد :

هي خاصية مميزة لانواع كثيرة من الحيوانات لو فقدت عضو من جسدها بتقوم بإنتاجه مرة ثانية في عملية اسمها ( التجدد – regeneration ).. زي مثلًا نجمة البحر – بعض انواع الضفادع و السحالي.. 

ولكن النوع ده من الديدان عندها خاصية مش موجودة في اي كائن حي على وجه الارض (حاليًا) وهي:

 إن خاصية التجدد مش مقتصرة فقط على الأعضاء المفقودة ولكن لو قطعت اي جزء منها ولو كان في حجم حبة الأرز سواء الرأس او المنتصف او الذيل هيعيد إنبات باقي الأجزاء من جديد لذلك اصبح واحد من أكبر الألغاز العلمية. 

 

 

 التجارب والنظريات :

العملية دي كانت محيّرة لكل علماء البيوتكنولوجي في جميع انحاء العالم لإن ده الكائن الوحيد اللي عملية التجدد بتشمل كامل الجسد وتحديدًا الرأس!!

 

وسبب الحيرة هو ان طبيعي اي كائن حي بيكون عبارة مجموعة من التجارب والخبرات اللي بتشكل سلوكه في تحصيل الطعام والدفاع عن نفسه.. طيب بالنسبة للدودة المُعاد إنتاجها دي هل بتكون نسخة من الجديد للكائن الاصلي من حيث السلوك ولا بيكون كأنه لسه مولود؟

 

وعلشان يجاوبوا على السؤال ده اثنين علماء امريكان:

 في البداية جابوا مجموعة من الديدان وعرضوها للضوء الذي يسبب لهم فزع وبدؤا يطوروا اسلوب يخلوا بيه الديدان تتصرف عكس طبيعتها؛ بإنها تتعود على الضوء وتالفه وعلشان يوصلوا للنتيجة دي وضعوا ليهم الطعام بالقرب من مصدر للضوء علشان يوصلوا ليه لازم يعبروا من خلال متاهة، ومع مرور الوقت وزوال الرهبة بالفعل الديدان بعد فترة قِدرت تمشي فالمتاهة بسرعة، ومش بس كده دي اعتادت الضوء واصبحت مش بتخاف منه..

 

بعد كده أخذوا الديدان اللي اتعودت على الضوء دي وقطعوها لنصفين: نصف فيه الذيل ونصف فيه الرأس وبعد 14 يوم كل جزء اصبح دودة كاملة.. وراحوا واخدين الديدان اللي نبتت من الذيل المقطوع ( يعني الديدان الجديدة ) وقاموا بتعريضها للضوء بإعتباره خوف فطري يعني المفروض بيتولد معاهم.. والمُبهر بقى ان الديدان الجديدة دي لاحظوا انها هي كمان مش بتخاف من الضوء وقدروا يعبروا المتاهة في زمن أقل من اللي لم يتم تدريبهم..

 

 

كيف اثبتت الدراسة؟ 

 اثبتت ان مش بس الديدان بتعيد انتاج جسدها بالكامل من مجرد جزء صغير ( اي جزء مهما كان صغير) ولكن دول بينقلوا كمان الذاكرة ( عن طريق الحبال العصبية) يعني كل جزء في الدودة عنده نسخة من الحمض النووي ( Memorial RNA ) للدودة الأصل.. 

لذلك واستنتجوا من ده انها مش مجرد نسخة في الشكل والتكوين؛ دول بينقلوا نسخة من الذكريات السابقة..

 

ما فائدة الذاكرة المتورثة؟ 

الديدان دي بطبيعتها ( في معظم الأحيان) حجمها صغير، وتكوينها الفسيولوجي والجسماني ضعيف جدًا، ومعندهاش اي وسائل دفاعية زي بعض الحيوانات الصغيرة حجمًا.. بالإضافة لإنها بتكون موجودة في اماكن مُعرضة فيها للخطر، فتقوم ناقلة مع الديدان الجديدة الذاكرة علشان تقدر تتجنب الأخطار المُحيطة بدل متتفاجئ بحاجات لم تتعلمها بالتجربة زي اقرانها..

 

ليه اثار الاهتمام بشكل كبير لان بيحاولوا يعرفوا الجين المسؤول عن إعادة الإنبات، علشان يكون نواة يقدروا يستفيدوا منها على البشر الذين فقدوا اعضائهم في الحوادث والحروب.. يعني تخيل شاب أُصيب بفقد لأحد أطرافه، فياخد حقنة او يتعرض لمُحفزّ ما، فيعيد إنبات الجزء المفقودة..

رئيس مجلس إدارة جريدة القاهرية

الحشرة المخنثة
Comments (0)
Add Comment