كتب-د.فرج العادلي
بعض الدعاة ينكرون رأي الأئمة -رحمهم الله- الذين أجازوا إخراج القيمة في زكاة الفطر إذا دعت لذلك مصلحة الفقير، ثم تراهم يقولون بنفس القول في نفس الوقت !! وهذا تناقض منهم عجيب وغريب.
فتسأل أحدهم مثلا. لماذا لم تُخرج زكاتك قمحًا وهو غالب قوت البلد ؟! فيقول: وكيف سينتفع به الفقير وهو ما زال حُبُوبا لم يُطحن بعدُ !؟ (ثم يضحك ساخرًا) ويقول: هل سيلقيه للفراخ (أي الدجاج)… وهذه الإجابة سمعتها من أكثر من شخص !!
فقلت له احترس يا أخي فإنك الآن تراعي الواقع، فالواقع أننا في مدينة ولن نستطيع طحن القمح، بخلاف الريف لتوفر الوسائل لديهم، ثم إنك تراعي مصلحة الفقير وحاله؛ لأنه لن ينتفع به حبوبًا ولن يستطيع طحنه…
والآن أجدك قد خالفت مذهبك، وتبعت مذهب من أجاز مراعاة الحال !!!.
الأمر الثاني: أنهم يخالفون قول النبي-صلى الله عليه وسلم- في كون الزكاة من غالب قوت البلد. وهو القمح ويذهبون للأرز بدلا منه مع إن النبي- صلى الله عليه وسلم- لم يذكره ولم ينص عليه من بين الأصناف !!!
وسألت بعضهم يومًا ما كم يبقى منزلك بغير أرز ؟ فقال: بعضهم أنا آكله مع السمك فقط، أو مع اللبن. وقال البعض الآخر لما ارتفع ثمنه تركته أيامًا كثيرة لكن لا أستطيع ترك الخبز يومًا واحدًا خاصة في الإفطار والعشاء، وقال بعضهم: يمرّ علينا أيامٌ لا نأكل أرزًا بدون سبب أم الخبز فلا. فدل على أن القمح هو غالب قوتنا
الأمر الثالث: أن الدولة تحافظ على أن يبقى الرغيف مدعومًا دعما كاملا في عموم البلاد-مع كُلفته الباهظه؛ لأن الناس يصرخون دائما باختلاف طبقاتهم ويقولون: إلا رغيف الخبز، لماذا؟ لأنه هو القوت الذي لا يُستغنى عنه أبدا ولو يوما واحدًا.
فظهر بحمد الله أنه غالب القوت، وبان مخالفة القائلين بعدم مراعاة حال الفقير لمذهبهم مرتين أو ثلاث.
الأمر الرابع: أنهم ينسبون للبخاري-رضي الله عنه- مخالفة السنة في هذا الأمر؛ لأنه قال بالقيمة !! وأقول لهم: هل البخاري يخالف رسول الله _صلى الله عليه وسلم- ولم يدون أحدُ في الدنيا كلها كتابا في الحديث، والسنة ككتابه الصحيح !!! وهذا فيه من التناقض أيضًا ما فيه !!. لأنكم تعترفون معنا بأن صحيح البخاري أصح كتاب بكل ما ورد فيه.
ويزعمون أيضا أن الخليفة الراشد الخامس- عمر بن عبد العزيز-رضي الله عنه- خالف السنة في حضرة ثلاثة آلاف صحابي ولم ينكر عليه أحد؛ لأنه كان خليفة المسلمين وقتها وعمم قوله على جميع الأمصار والأقطار !؟ فأين قوله -صلى الله عليه وسلم- عليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين… وهل يجوز أن يسكت جميع الصحابة على مخالفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في جميع الأقطار؟ حاشا…
هذا ولن أعيد الحديث عمّن أجاز من التابعين والأئمة المتبوعين؛ لأنه صار مشهورًا اليوم
لكن أقول في نهاية الأمر: إن القول بمراعاة حال الفقير عموما سنة أيضًا؛ لأن معاذ بن جبل-رضي الله عنه- وهو أعلم الصحابة بالحلال والحرام استبدل زكاة أهل اليمين من الزروع بالثياب وقال: إن هذا أهون عليكم، وخير لأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ((مراعيا الحال)) ثم أقره على ذلك رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فكان سنة تقريرية.
هذا وأفضل الناس من أخرج ما يقتنع أنه الأفضل أو المجزئ ولم ينكر على غيره ممن أخرجوا القيمة.