بقلم- عاليا عمرو
الجيل الحالي هو أكثر الأجيال فسادًا !
ذلك ما يردده الناس، وذلك ما غُرس داخل عقل ذلك الجيل.
أنتم فاسدون ولا جدوى منكم، هذا ما تنصت له آذننا كل يوم، لا سيما أننا قد نبدو فاسدين ولكن بداخلنا أحلام وطموحاتٌ، ومباديء، وفن تهشم من ذلك الكلام!
ولكن ألم يتساءل أحدٌ منّا من أين يأتي هذا الكلام أصلاً؟!
إنه يأتي من الأجداد، والآباء، والأمهات، بفمٍ مليء بالكلمات المُحطِّمة وذراعاً لا مكان فيها لحضن الأبناء! فقط الهواتف وأوراق العمل.
وقلَّ ما تجد في هذا الجيل نبتة صالحة، سترجع لترى أمًا حنونة وأبًا كريمًا، وأجداد فاضلين لا مكان للتفرقة بينهم.
المقصد أن أحد أسباب ذلك الفساد هم الأهل. فمن كان أهله منشغلين عنه ولا وقت له، تجده أهدم نفسيًا وعقليًا وجسديًا.
الأب والأم لا يهتمان سوى بالعمل ولا ساعة يقضونها مع فلذات أكبادهم، ذلك لا يعني انتفاء المحبة، كلا بل يعني انشغالهم بالحصول على المال لتوفير احتياجات أبنائهم ولكن ما فائدة المال إذا لم تتواجد المباديء ولم يوجد الحنان ولا الحب.
كيف يتوقع الأهل صلاح الأبناء إذا لم يروا ذلك في أبائهم وأمهاتهم.
إنّ الأطفال والمراهقين لا يحتاجون سوى بعض الحنان والتوعية والقليل من الحزم، يحتاجون ذلك حاجة ماسة أكثر من حاجتهم للمال.
السبب الثاني يرجع للأصل ، فإذا عدنا لتاريخ بعض العوائل سنجد أفكارا خاطئة كثيرة في المناهج التربوية و حزما شديدا و صرامة لا توصف، فيخنق الأبناء ويتمنوا الخروج من ذلك الجحيم.
و عند خروجهم من العش والذهاب لبيوتهم يحدث واحدا من ثلاث احتمالات؛
الأول هو أن الأبناء سيربون الجيل الجديد بنفس الصرامة والحزم و نفس منهج الأجداد، يسبون غلهم ويرمون انتقامهم على من لا ذنب لهم ، فتنتقل ذات العقد النفسية للجيل الجديد.
الاحتمال الثاني هو شعور الأبناء بالاستياء و عدم الرغبة في شعور الجيل الجديد بمعاناتهم، فيرخون الحبال ويتركون الجيل الجديد يفعلون ما يحلو لهم، فيصادقون الفاسدين ويرتكبون الأخطاء التي لا تغتفر، لينتج شيئًا لا مثيل له في الفساد.
الاحتمال الثالث ، هو توفر الحكمة لدى الأبناء ، فيحصل مزيج جميل . لا يريدون ظلم الجيل الجديد و شعورهم بالخنقة وفي نفس الوقت يرون بغض المناهج السليمة في أسلوب الأجداد التربوي ، فيمسكون الحبل بحزم تارة ويرخونه تارة أخرى. فيصاحبون أبناءهم و يزرعون التوعية في عقولهم فينتج عن ذلك ثمرة صالحة ، مشرفة ترفع رؤوس أهلها.
لا سيما أن هنالك عوامل خارجية و مؤثرة و مهددة و أبرزها و أكثرها خطورة هو الهاتف . فمنه يرون العالم بشكل مشوه و ينسون أساليبهم و بصماتهم وأصولهم، و يتأثرون بالغرب، للأهل درو كبير في الحد من ذلك .
أما السم الثاني فهو المقارنة. لا تقارنوا أبنائكم بأنفسكم، ولا بأبناء الآخرين و لا بأي شخص لو أي شيء ، فالمقارنة تكسر الجيل الجديد وتولد الحقد تجاه الأهل و تفسد علاقة تربطها الدماء ، لتفكك جيلا كان بإمكانه تحسين العالم .
و في النهاية لا منهج أصح في التربية من منهج النبي محمد ( صلى الله عليه و سلم ) و السيرة النبوية و الأحاديث . و تذكروا أن التوعية و اللين هي ما تربي وليس الغصب و الفرض والصراخ والعصبية المفرطة . و لا تنسوا لا تربوا أبنائكم كما رباكم آباؤكم فهم ولدوا في زمن غير زمانكم.
رئيس مجلس إدارة جريدة القاهرية