سامح بسيوني
النار مشتعلة ولهيبها يزاد أشتعالًا، وانتشارها يغلي في صدور مليئة بالٱلام والأحزان.
ويستمر الحريق عندما نام الغني وبطنه ممتلئة بما لذ وطاب وغيره بات في غصة الجوع ومرارة الفراق.
ويزداد الحريق اشتعالًا عندما ضاع العدل وانخلع ميزان الحق والحياة، وتاه الإنسان في غيابات الحياة وكأن حياته أصبحت صحراء جرداء لا أمل فيها ولا رجاء.
والأم تستيقظ على هم الحياة تسعى هنا لعلها تجد ضالتها كما وجدتها هاجر تحت قدم ولدها إسماعيل.
الحريق يبحث عن ماء عذب يسكن في قلوب انحرقت قلوبهم من الظلم والحرمان.
الحريق يبحث عن قلوب رحيمة تلقي بعطفها على فقير انقطع عنه حظوظ الحياة.
ومازال البحث مستمرًا عن إنسان يحمل معاني الإنسانية والوفاء، عن طبيب يتعامل مع ٱلام المرضى وأوجاعهم.
عن معلم يحمل القيم والأخلاق لا يكن همه جمع المال، عن تاجر لا يحتكر ولا يغش ويخاف من يوم العرض والحساب.
ومازال البحث مستمرًا عن قاض يحكم على نفسه كقضائه على غيره، عن قلب يبكي قلبه قبل عيناه، عن رحيم تترقرق عيناه كلما وقعت عيناه على منظر بؤس في الحياة.
فالبحث مستمرًا عن أخلاق تاهت في غيابات الجب تنتظر قافلة العزيز تعيد لها الحياة.
يا حريق اهدأ فإني أشم رائحة عمر لولا أن تفندون، أراه يحمل شعلة الحق واليقين وينشر فيها ميزان العيش بالمساواة من غير نقصان؛ فيرفع مظالم ويعيد أمجاد ضاعت ويحكم بعدله وقسطه ويعيد للحياة هدوءها ولعبيرها الجمال.
فيرجع خرير الماء ينصب على جداول صافية كصفاء السماء في يوم مشمس، ونعيش مع لحن جميل من زقزقة عصفور على غصن مليء بالخيرات والرحمات.
وينفجر الخير وتعود ساقية الخير وصوت المياه يتدفق على أرض صبرت سنينًا عجاف.
يا نار كوني بردًا وسلامًا على عباد انكوت قلوبهم من مرارة العيش والحرمان.
فهل من أمل أن يهدأ الحريق ويعيد للحياة بسمتها ورونقها بعد الغياب؟!