بقلم/شفيق غربال من صفاقس
متابعة عبدالله القطاري من تونس
هل نحن ” أمّة اِقرأ لا تقرأ ” ؟ هل حشوا عقولنا بأننا أعداء القراءة والمطالعة وذلك سبب رئيس لتخلفنا وتقهقرنا؟ فهل أصابوا أم بالغوا وربما نجحوا في تشكيكنا في أنفسنا واتهامنا بما ليس فينا !؟
لا شك أننا نعاني من مشكلة مع المطالعة . فما هي أسباب العزوف عن المطالعة ؟ وكيف نؤمّن علاقة جيّدة مع الكتاب بالترغيب و المصالحة و بلوغ مرحلة اتخاذ الكتاب رفيقا وسميرا ؟
1_ منزلة الكتاب في الأسرة
الطفل الذي يترعرع في أسرة تعمر الكتب والمجلات رفوفها و خزائنها لا بدّ أن يألف الكتاب وكل ما هو مكتوب ويحبه ويتعلق به الا ما شذ عن القاعدة .
2_ الطفل الذي يتربّى على سماع ما يُقرأ عليه من الكتب المناسبة لسنّه و يوضع بين يديه الكتاب يتصفحه و يتفاعل مع صوره وجمله التي تطول وتزيد كلما تقدم في السنّ يتعوّد القراءة والمطالعة و تدخل تلك العادة الحميدة في دورته الحياتية .
3_ الطفل الذي تُفرض عليه المطالعة ويراها عقوبة ينفر من الكتاب ، والمحصّلة نتيجة عكسية تنسف الرغبة في المطالعة .
4_ حينما كانت المطالعة مادة أسبوعية في المرحلة الابتدائية وتُدرّس بطريقة منفرة و أشدها وطأة المطالبة بالتلخيص دون تدريب الطفل على ذلك يزرع النفور من الكتاب وربما كره المطالعة لما تمثله من عبء ثقيل .
5_ فرض عناوين معينة للمطالعة يقلل من فرص الترغيب في مخالطة الكتاب . و المثير للتساؤل : لماذا يكلف التلاميذ بمطالعة قصص وروايات بذاتها دون اعتبار اختلاف ميول الأطفال فبعضهم يميل الى الكتابات السردية وبعضهم الآخر ينفر منها و يجد ضالته في الكتب العلمية التي تناسب ميوله واحتياجاته من المعرفة ؟
6_ المطالعة في الوسط المدرسي ابتدائيا وإعداديا وثانويا حصة لا تلبي انتظارات التلاميذ في الغالب الأعم ّ . فهي قاصرة عن بلوغ أهدافها إن لم تتحول الى مجال لاستغلال النصّ المقروء بإعادة إنتاجه أدبيا و فنيا ومسرحة بعض مقاطعه ، وهنا تتحقق كفايات أفقية بين مواد دراسية متعددة تتقاطع وتتكامل .
7_ المطالعة لا ينبغي أن تكون مادة دراسية تقيّم جزائيا بإسناد عدد ما .
8_ تجريب مكتبة الساحة أثناء الراحات في الوسط المدرسي بعرض مجموعات من الكتب حسب الدرجات والمستويات . و في إنجاز هذا النشاط والمحافظة على دوريّته حلّ للحدّ من الفوضى والعنف و التدافع في الساحة وتجنب الإصابات وتهذيب النفوس وترويضها .
9_ حبذا لو يقتطع المدرسون 10 دق من كل حصة لمطالعة كتاب لكسر روتين الحصة وتوفير فرصة للمطالعة .
9_ توظيف الإذاعة المدرسية للتعريف بالكتب المقروءة أو بقراءة مقتطفات منها لترغيب من لم يقرأها في قراءتها .
10_ تخصيص جلسات في العائلة للتحاور في مسألة وردت بكتاب وقع الاتفاق فيما بينهم على مطالعته . ويمكن تعميم الفكرة لتشمل مجموعة أكبر تتجاوز الأسرة النواة .
11_ جعل الكتاب والمجلة عنصرا حاضرا في مقتنيات الأسرة الشهرية على الأقل .
12_ إجراء مسابقات في المطالعة في المؤسسات التعليمية على غرار المسابقة العربية
للمطالعة والمسابقة الوطنية .
13_ من المطالعة إلى الإنتاج :
تشجيع الأولياء و المدرّسين من يأنسون فيهم الكفاءة لإنتاج نصوص إبداعية ومساعدتهم على بلوغ مرامهم و فتح آفاق النشر أمامهم ، ولم لا ؟
14_ ترك الحرية لمنظورينا في اختيار لغة ما يريدون مطالعته مع الحرص على تنبيههم الى أهمية اللغة الأم ومقامها الأول في البدايات على الأقل .
15_ لا مانع من مطالعة كتب ومجلات ألكترونية رغم بعض أضرارها في ظلّ غلاء المجلات والكتب و تدهور القدرة الشرائية للمواطن التونسي ( مفارقة : التونسي يقدر على توفير الأنترنات في البيت ويعجز أو يكاد عن شراء الكتاب !)
16_ تعويد الطفل على إنشاء مكتبته الخاصة و تنظيمها .
17_ تعويد الطفل على الاشتراك في المكتبات العمومية بدءا بمكتبات الأطفال و استعارةِ كتب بصفة دورية تعلمه الالتزام بالمحافظة على الكتب سليمة و إرجاعها في التاريخ المحدد .
هذه بعض الأفكار المتعلقة بالمطالعة أعرضها من منطلق إيماني بأهمية المطالعة في بناء شخصية الإنسان وحرّيّته واستقلاله الفكريّ . و المعرفة اليوم تنحو بنا نحو الكونية وكلما ازددنا مغرفة ، ازددنا جهلا .
الآراء التي عرضتها في انتظار مناقشاتكم ، فمرحبا بها .
بقلمي : شفيق بن الشير غربال
19 جانفي 2023