عرائس سجنان من الطّين الى اليونسكو

للكاتبة والفنّانة التّشكيلية _رجاء بن موسى من سوسة تونس
متابعة عبدالله القطاري من تونس

نقرات منقار الحاج قاسم على أعمدة منارات سجنان عقد من القداسة وتحيّة من الحضارات لعرائس الطّين
أما زلت للتّاريخ خالدة يا زهرة سجنان!
و للعصر البرونزي مقيّدة و للحضارة القبصيّة ناسكة و لوجهاء الفينيقيّين أسيرة !

لفحات البرد لها موعد مع سالمة كلّ إشراقة صباح
تسترصدها مع خشخة دفّة الكوخ ولكنّها قد وضعت سلاحها في الإزميل رفشا و فأسا و معولا تحدّيّا
و مقاومة
و مضت للجبل وهي ماسكة صولجانا من غدر السّباع و الأفاعي والخنازير

و للمغارة معها حكايات و مغامرات
هل تبحث فيها عن سرّ الوجود و ممّا خلق الانسان أم تبحث عن خطوط خلّدها العصر الحجريّ وبداية خطوات الإنسان
و يلتفّ الجبين بفولارة الكادحين تاجا من الزعتر و الإكليل و النوّار
و يشمّر الحرام على السّاق و ترقص عناقيد السخاب من نجوم وهلال وحوتة و حبّات المرجان على صدر من رياض الأقحوان
حين يلامس مداسها الطّين اللّزج
وقد تماسك بالكلس وبقايا التّراب الأحمر
هل هو عرس الطّين بدأ يزهر للوجود أم ملحمة الوجود بدأت تسجّل من تراب وماء و هواء و نار ؟

و من سلام لشجر الفلّين تكون زهرة سجنان ناسكة في معابد الفنّ و هياكل التراث
تلك مدرستها الأولى وإن كانت للعلوم جاحدة
فهي لفنّ الخزف عاكفة و ناسكة
تخالها في حضرة الإلاه خنوم أو جندا من الفينقييّن سلاحه الطّين
و تجاعيد التّحّدي و شقاء الزّمن
قد نقش على جبينها و سقته بحيرة قمقوم و جداول خميش
عرقا من نفحات الّنجاح و الوجود

و عيون للأفاق مزهرة للغزال الأطلس و العفّاس الأحمر
ويد تلامس الحروف الأولى على لوحات السمّارايين
تعلّم الحياة أسرار البقاء من رقرقة إبريق و شذى مزهريّة و أهازيج مقفول و شدو غناّي و بخور كانون
و في معبد الوجود و الفنّ تعبر الزمن عبر جناح الأساطير والخيال
فتحاور الطّين و تدعوه أن يتجدّد للحياة و يكون ذاكرة للحضارات
فتحضر الكاهنة و تبارك لها عشترت افتخارا بعروس سجنان

وان كان من الطّين خلق و إبداع
لعرائس الطين
فهي من نسمات الهوى تخشى عليها الضعف و الهوان
فلا تتوارى عن تلقينها الدّرس الأوّل التّشبث بالحياة بالرّقص على زغاريد النّار
و تلفّها بالتّبن فتبارك لها الوجود
وقد علّمتها حكمة الغاب البقاء للأقوى في هذه الحياة
و عحبت إن كنت يا زهرة سجنان
ما زلت في الكهوف الحجريّة لك مقام
فقد كنت وفيّة لأسرار الألوان
فمن صبغ المغرة قد اهتديت للون جبال الرّبيع و حجارة البراكين
وقد أهداك الرّياض زهور الضّرو
للجمال و التّفرّد

وان كان بيكاسو قد اختار الفرشاة
قلما للألوان فقد كنت للحياة البدائيّة
سجيّة
فمن براعم الزيتون رسمت تاريخ الأوّلين وقدمته كتابا مفتوحا لكلّ
زائر ببحث عنك في سجلاّت اليونسكو أو عبر شوارع الحريّة
فقد كنت نجمة بين المشاهير
و الأمم
كتبت حكم أجدادك الأوّلين من رومان و أمازيغ وبربر على صفائح الطّين
و حصدت سنابل القمح من أراضيك الخصبة و قدّمتها حمدا وشكرا لصابة هذا العام
وكنت للحاج قاسم فخورة لبركاته ونعمه على هذه الجبال
و للطّبيعة مزهرة و وفيّة
فعاهدت بحيرة إشكل أن تصون
السّنّونو و السلحفاة و العرعار
فهي مهدّدة بالنّسيان من ذاكرة الزّمان
أزحت الوشم من زندك و قدّمته قربانا للفخّار خوفا من كل حسد وعين و حظّا وفيّا
ومن إيقاعات إكليم البربر
شدوت مع الغنّاي محفل العروس على الهودج
وأن كانت أعياد المهرجانات قد تغافلت عن لباسك وحليّك من ملية وحرام وخلال وحجيرة الفضّة والمرجان
فإنّ عرائسك سفيرة لعاداتك وتقاليدك و أهازيج محفلك
فمن الفنّ قد خلقت الحياة
و نشدت الأكواخ هيكلا لفنّك
و سجّلت تاريخك و ترنّمت موّاّلا للأمازيغ وافتخرت بأرض البربر

فمن الطين كنت الأولى في سجلاّت اليونسكو و الأمم

رئيس مجلس إدارة جريدة القاهرية

عرائس سجنان من الطّين الى اليونسكو
Comments (0)
Add Comment