بقلم دكتورة سلوى سليمان
انطلاقا من كون الموهبة نعمة من نعم الله وثروة عظيمة ونادرة في وإن الاخذ بيد الموهوبين والاحتفاء بهم يعد بعداً مهماً ومردوداً إيجابياً مفيداً في المستقبل القريب والبعيد مما حيث ترتقي الأمم وتبلغ أوج مجدها بالعلم والاهتمام بذوي المواهب..
وفي حقيقة الأمر ان الطلاب الذين لديهم مواهب أو قدرات غير عادية أو يؤدون المهام المختلفة بطريقة تتميز عن بقية أقرانهم في واحد أو أكثر من المجالات التي يقدرها و يعززها المجتمع ، خاصة في مجال التميز الفكري والتفكير الإبداعي والتحصيل التعليمي والامتياز في المهارات والقدرات ، يحتاجون إلى رعاية خاصة لا تتوفر لهم بشكل كامل في البرامج الدراسية العادية , لأنهم فعلا موهوبين ويحتاجون تربية خاصة ,إلا أنه عندما يسمع البعض عبارة “التربية الخاصة” ، يتحول الإدراك مباشرةً إلى الطلاب الذين يعانون من صعوبات التعلم أو الطلاب الذين لا يستطيعون مواكبة وتيرة الفصل الدراسي التقليدي ومع ذلك ، غالبًا ما يتم تجاهلهم؛ على الرغم من أن هؤلاء الأطفال بحاجة فعلية إلى تربية ورعاية خاصة ولكن ليس بالطريقة التي اعتدنا عليها.
هؤلاء هم الطلاب الموهوبون ، الذين على الرغم من أنه غالبًا ما يُعتقد أنهم يتمتعون بالاكتفاء الذاتي نسبيًا في الفصل الدراسي ، إلا أنهم يستحقون تعليمًا خاصًا لتلبية احتياجاتهم الفردية.
وهنا يتجلى دور الآباء ومقدمي الرعاية لهؤلاء الأطفال ويتضح هذا الدور من خلال الملاحظة الدقيقة، فإذا كان طفلك موهوبا فقد تلاحظ أن لديه مشاعر واهتمامات وآراء قوية جدا، وشخصية مميزة مقارنة بالأطفال الآخرين في سنه,على سبيل المثال قد يكون الطفل الموهوب منزعج جدا عندما لا يكون رسمه جيدا مثل الرسم المعتاد رؤيته في الكتب التي يتناولها، وقد يشعر الطفل في سن المدرسة بالقلق أكثر من غيره بشأن مشاكل الصداقة أو عدم تصحيح الأمور بين الآخرين في الفصل أو قد يكونون متحمسين للغاية لعمل فني ولا يفهمون لماذا لا يشعر الآخرون بنفس الشعور.
وهنا يأتي دورالاستماع الجيد إليهم والتحدث معهم بطريقة تتسم بالحساسية، والحرص؛ حتى عندما تبدو مشاعرهم غير متناسبة مع ما يحدث , فلابد من التعامل بحنكة مع المشاعر القوية لدى طفلك والذي يعد في حد ذاته أحد مفاتيح دعم التطور العاطفي لهذا الطفل..
ويتحمل الآباء والمربون والمجتمع الأوسع مسؤولية دعم جميع الأطفال حتى يصلون إلى أفضل ما لديهم من الأداء والموهبة، ومن الضروري دعم نمو وتطور الطفل الموهوب بأكمله بما في ذلك المجالات الفكرية والاجتماعية والعاطفية والجسدية، وهذا الدعم يبدأ في المنزل، وعادة ما يكون الآباء ومقدمي الرعاية هم أول من يحدد مواهب الطفل غير العادية ,وبمجرد تعرف الآباء على القدرات، يتم التواصل مع مقدمي الرعاية لتوفير تحفيز وخبرات تعليمية غنية واكتشاف طرق للمشاركة مع المدرسة والموارد في المجتمع الأوسع لتغذية احتياجات التعلم المتخصصة لأطفالهم ,حيث أن وظيفتهم الأساسية تنجلي في مساعدة هؤلاء الأطفال على تطوير إمكاناتهم الفكرية، والاكاديمية بالتعاون مع مسؤولي الرعاية ,ومما لا شك فيه أن المعلمون يلعبون دورا مهما في حياة الأطفال الموهوبين وأسرهم و يعتبر تعليم الأطفال الموهوبين أمرًا مثيرًا وصعبًا، وتظهر الأبحاث أن المعلمين يواجهون نطاقات واسعة من المعرفة والمهارات والقدرات داخل فصولهم الدراسية، ويجب أن يتمتع المعلمون بالمهارات اللازمة للتمييز بين الطفل العادي والموهوب لتقديم مساعدتهم ودعمهم عبر طيف من الإنجاز صوب التعلم والنمو كل يوم.
وقد يتطلب تعليم الأطفال الموهوبين استراتيجيات خاصة مثل التسريع، والإثراء، وتجميع القدرات المرنة والبرمجة المتخصصة ، وبالأحرى اكتشاف وفهم مواهبهم ومهاراتهم حتى يمكن المضي قدما في تطويرها وإتقانها , وفي الأساس هناك أربعة عوامل تشكل قدرات الموهوبين وهي في حقيقة الأمر مترابطة بشكل وثيق ,أولها: القدرة وتعني المهارة الفنية المطلوبة لأداء مهام معينة تم تطويرها من خلال النظرية والتطبيق على سبيل المثال : قيادة السيارة أو استخدام الكمبيوتر ,فيمكن ممارسة معظم المهن، والمهام بفضل القدرة .
ثانيها: الموهبة وهي القدرات التي نولد بها والتي تؤدي إلى أداء مُرض في كل من التعلم وتنفيذ المهارات على سبيل المثال موهبة التفاوض أو الاختراع أو التواصل ,مع العلم أن هناك فرق بين امتلاك مهارة وامتلاك الموهبة لأداء تلك المهارة ويمكن لأي شخص لديه موهبة في مهنة أن يتعلم تنفيذ هذه المهنة بسهولة أكبر ويمكن ايضا ربط الموهبة بالمهنة.
ثالثها: المهارة وتعني الكفاءة ويؤدي الارتباط بين المهارة والموهبة إلى نتائج أفضل من تلك التي حصل عليها الأشخاص الذين لديهم موهبة أو مهارة فقط وهذا يعني أنه كلما زادت المهارة والموهبة معا ,زادت فرص النجاح والتميز
آخرها: الخصائص الشخصية والتي تعتمد على مجموعة القيم والمعتقدات، والنماذج والخصائص الجسدية والنفسية وتأثير البيئة الخارجية، ويمكن تغيير هذا عن طريق إضافة تجارب جديدة والتي تعتمد على طريقة حياة كل شخص.
وفي الأخير ……. الموهوبين فئة ذات احتياجات خاصة تتطلب الدعم الكامل والمستمر من كل المؤسسات المعنية ومقدمو الرعاية، مع مراعاة العوامل التي تساهم في تشكيل قدراتهم لتنمية المواهب وتوفير الفرص الكثيرة للارتقاء والتميز.