بقلم سارة جمال
يستهويني صباحا صوت فيروز الجميلة مع كوب الشاي، يتداخل في أنسجته حليب دافئ يتناغمان معا أبيض وأسود. تشعرني راحته بدفء شمس الشتاء والكوب الذي أعدته أمي قبل كل اختبار. كانت تصاحبهم رائحة الخبز الساخن وقطع الخيار الدائرية والقليل من الجبن وإن كان اليوم مميزا؛ كانت تضع بعضا من البطاطس المقرمشة اللذيذة لأقتسمها مع صديقتي «سارة» التي تشاركني المقعد وقتما كنا في السابعة كنا نتناولها واحدة تلو الأخري ساخنة في حصة اللغة العربية خشية من أن يرانا الأستاذ ذو النظارة السوداء والشارب الطويل.
وهاأنا رحت أعد كوبا لنفسي هذا اليوم وأمي نائمة، وقد قاطعني النوم منذ أيام. أضع أحمر الشفاه خاصتي. أرتدي ملابسي مسرعة ولم يكن هناك وقت كافي لإعداد البطاطس المقرمشة ولم تعد أيضا كافية لإسعادي صباحا. ويذكرني بأن لم يعد هناك أحد حتى أقتسمها معه، لا أعلم أين ذهبوا الرفاق، لأقتسم معهم قليلا من الأشياء الحزينة وكثيرا من البطاطس.
يعكس الكوب صورة امرأة تضع أحمر شفاه لكنها حادة الملامح عابسة الوجه. قست عليها الحياة وما عادت البطاطس تسعدها ولا شرب الشاي له مذاق. ولا حتى صوت فيروز يساعدها على مواجهة الصباح، إنه يبعث الحنين المصاحب بالأتراح!