بقلم السيد عيد
هل نضحك ساخرين مما يحلّ بنا أم نلطم وجوهنا خوفاً من أيام أخري آتية تحصد الزهر وتبقي الشوك؟
هل نتخلى عن عيوننا أم نتخلى عن آذاننا وألسنتنا؟
هل نتكلم ليل نهار أم نقفل أفواهنا مؤمنين أن النقد ليس سوي غبار صيف؟
هل نرشد أبناءنا إلي المذاكرة والاجتهاد وأنهما السبيل لدخول كليات القمة أم أن المتخبط في الجحيم اليومي ليس إلا أعمي يتصدي لقيادة مبصرين؟
إذا أردت أن تهدم حضـارة أمــة عليك بالتعليم
ولكي تهدم التعليم: عليك بالمعلم لا تجعل له أهمية في المجتمع وقلل من مكانته حتى يحتقره طلابه ويحتقرون علمه.. فيضيع العلـــــــم
أتابع كثيرًا سياسة التعليم في مصر، وما يتم تداوله في الآونة الأخيرة ما هو إلا نتاج أبواق خاوية من المعارف المنطقية ، فكلها أحكام في المطلق برؤى قد تكون مغلوطة .
عذرا معالي الوزير فهذه تراكمات حالت بينك وبين ما أردت أن تطور لهم، قد يكون كل ما تستهدفه صوابا في مجمله، ولكنك تقف في مواجهة تلك الرياح في الوقت الذي فيه وزارتك ممتلئة بالخبرات المنسوخة، سيدي لا تصلح الأمور بحسن النوايا، إنما ببرجماتية القرار، مكِّن ذوي الخبرات وأصحاب الدراسات العليا والباحثين في علوم التربية المؤمنين بأفكارك التطويرية التي حين يستوعبها المجتمع ستنقل هذا الجيل لعصر المعرفة الحقيقي ، عصر الميتافيرس .
عذرا للجميع وزيرا ومعلمين لن نتقدم قبل أن نكشف أخطاءنا ونسعى لتجاوزها، أحزن عندما تتعثر خطها أو مسيرتها، لن تنتصر في معركة الوعي دون أن تطور المعلم وتؤصل لثقافة تربوية رائدة، وتصنع أجيالا من المعلمين تستوعب ما تقوم به، وطلابا تبحث عن المعرفة فيصبح التعلم قائمًا علي بنيتهم المعرفية ، فمن دون أن تبني تلك القواعد لن تعبر جسور التطوير
ولكن هيهات كيف نعبر جسور التطوير وهناك ما يتناقض
مع خطة تطوير التعليم التى تستهدف تحقيق مبدأ الابتكار وبناء العقول، وعليه لابد من محاربة مافيا الدروس الخصوصية والقضاء عليها.. المدرسة هي المكان الطبيعي للتعليم تحت رقابة وزارة التربية والتعليم
ظاهرة الدروس الخصوصية ترجع فى المقاوم الأول إلى فساد المنظومة التعليمية ويجب على وزارة التربية والتعليم سرعة اتخاذ القرار لوضع حلول وخطط فعالة، مشيراً إلى أن الطالب إذا وجد تعليما جيدا فى المدارس سيتوقف تماما عن الحصول على دروس خصوصية التى صار تتحكم فيها حاليا مافيا متشعبة فى مصر كلها.
يتسابقون فى الإعلان عن أنفسهم بقدرتهم على الشرح مع الاستعانة بالمميزات الترفيهية من تشغيل موسيقى أو أغان شعبية ورقص لجذب الطلاب المراهقين ومع صراع سمسرة الدروس الخصوصية استعان بعضهم بمركز «أوبن بوفيه» للمشروبات والمأكولات حتى يستطيعوا الحصول على أكبر قدر من الأموال من أولياء الأمور.
ولابد أن تفكر وزارة التربية والتعليم في إعادة دور المدرسة، لأن فكرة وجود تعليم موازي خطر على الأمن القومي ويفتح الباب للجماعات والأفكار المتطرفة، هل من الصعب وجود رقابة على السناتر والقضاء عليها، أم أن مافيا الدروس الخصوصية أقوى من وزارة التربية والتعليم.
كل ما نحن فيه وأكثر نتاج مدرسة تقليدية صماء يديرها أحيانا عقول أشبه بأرفف المكتبات العتيقة تحتوى النوادر ولا تستفيد منها، عقول ربطت فرص التفوق بارتفاع الدرجات، عذرا إنه ارتفاع هلامي أجوف.
مدرسة بها معلمون يركضون وراء الدروس الخصوصية ، و منفصلون عن فرص التطوير والتدريب والمستجدات من حولنا ، مدرسة بعيدة عن المجتمع المحلي لا تدرك ماهيته ولا تمضي نحو احتياجاته، مدرسة خلت من الطلاب ولم يتبق منها غير لافتات أعلي مداخلها، مدرسة تنازلت عن دورها إلى ما عرف بالسناتر التي مع الأسف يديرها المعلمون أنفسهم، ليجعلوا منها أماكن تنافس بيئات التعليم الحقيقية والتي أنفقت عليها الدولة المليارات .
أرباح هائلة تجنيها تجارة الدروس الخصوصية في مصر تتراوح بين 25 و40 مليار جنيه سنويا بعد أن أصبحت إدمانَا بين طلاب المدارس في جميع المرحل التعليمية، وتحول المدرسون إلى تجار يبيعون العلم كل على طريقته دون الالتزام بأي قواعد أو قوانين ودون أي رقيب
الإقبال الكبير من الطلاب على مراكز الدروس الخصوصية يطرح سؤالا عن السبب وراء هذا الإقبال؟!
هل السبب المعلم أم المناهج وأعمال السنة أم هناك عناصر أخرى رسخت لفكرتها وساعدت في انحراف التعليم عن مساره وتفريغه من أهدافه ومضمونه.