للدكتور / إسلام الشيخ
صارت كلمة (الحفظ) في التعليم الآن ذات سمعة سيئة، وكأن الحفظ قرين الغباء وعدم الفهم، فصار الحفظ متآخيا مع التلقين، فيقال دوما الحفظ والتلقين ( انت حافظ مش فاهم) مع أننا أمة الحفظ…
الحفظ يا سادة هو المساعد دوما على الإقناع في أحاديثك ومناظراتك ، فعند إقناعك الآخرين، تأتي بفكرة ثم تأتي بدليلها النقلي من آية أو حديث أو حكمة أو قول عالم أو مثل، فكيف تستطيع أن تأتي بذلك إن لم تكن حافظا؟! الحفظ هنا هو القاعدة الصلبة لإقامة الحجة…
لننظر إلى مبدعي التنمية البشرية د.الفقي، د.طارق سويدان ، هم مبدعون لأنهم حافظون بدءا ، وبعد الحفظ يأتي التطبيق والإسقاط على الواقع بكل مهارة وفن…
وهذا يعني ضرورة تكثيف المحفوظات في حياة الطالب ليتمرس بعد ذلك على إقامة اللسان، وممارسة البيان… قال أكابر العلماء ” من عود لسانه الركض في ميدان الألفاظ لم يتعلثم إذا رمقته العيون ”
أسمع أحدكم الآن وهو يقول: با ألله!!. لقد مللنا من الحفظ ( انت قديم اوي) ، نريد إبداعا ومهارات عليا، والحفظ يقتل…
قلت: الحفظ لا يقتل الملكة ألبتة ، الحفظ ردء وعون ، ثم إنه لا مانع، من الجمع بين الأمرين: الحفظ، ومهارات التفكير، لهذا جزء، ولذاك أجزاء، لأن الحفظ يربط الطالب بالنصوص العالية، وربطه بالنصوص العالية عامل رئيس في القرب والقرابة بين الطالب واللغة…
من يقلل من قيمة الحفظ، له أن يراجع فكره؛ لأن الحفظ له من القيمة ما لا يدركه الأكثرون…
وللشيخ ابن عاشور كلام أصاب كبد الحقيقة عندما قال: “وإني وإن كنت أرى العلم هو قوة الفكر، لا أجحد الاستحضار حقّه من جهة عونه على التعبير، ومن جهة كونه مظهر العالم، وكان في حفظ المتون النافعة مع فهمها مقنع من ذلك، لا سيَّما وأنَّ علوما جمة وهي علوم اللغة أشد احتياجًا إلى الاستحضار من غيرها، وبُعد الطلبة عن الاستحضار أوجب ضعفها فيهم”.