بقلم: نادرة سمير قرني
اعتدنا كل عام مع قدوم شهر رمضان بكم من المسلسلات والبرامج التليفزيونية، والتي لكل منها طابعه الخاص والذي قد يدور في سياق كوميدي أو ترفيهي أو دراما، ولكل مسلسل قضية يناقشها فمثلما رأينا واستمع أغلبنا إن لم يشاهد قصة مسلسل “فاتن أمل حربي”والذي يناقش قضية المرأة المصرية وحقوقها، ومسلسل ” الاختيار” والذي ذاع صيته منذ عامين بتناوله لملفات من المخابرات المصرية والقوات المسلحة المصرية حتى إن هذا المسلسل اكتسح الصدارة، وأصبح المشاهد في حالة لهفة كل عام لينتظر ما سيعرض في العام الجديد من ملفات.
ليس هذان المسلسلان فقط هما الأفضل ولكن هناك مسلسلات كثيرة لكل منها قضية ومغزى، لكن الحقيقة ما أثار إعجابي كثيراً مسلسل ” الكبير أوي” والذي يجسد فيه أحمد مكي شخصية البطل من خلال تقمصه لشخصيات ثلاث هي ” الكبير” ، “جوني” ، “حزلقوم” ، هذا المسلسل يستحق فعلاً أن يكون في صدارة ترتيب أفضل مسلسل في رمضان؛ وذلك لعدة أسباب : أولها أنه يناسب كل الأعمار بدءاً من الأطفال وهم الأكثر تأثراً بالدراما حيث أن التليفزيون يُعد واحد من أهم وسائل تنشئة الطفل، كما أن الطفل يميل دائماً إلى تقمص الشخصيات المحببة إليه من المشاهير، بالإضافة إلى أن المسلسل يناقش قضايا عدة يعاني منها الأطفال في المدرسة وخارجها.
وأولى هذه القضايا قضية التنمر، وقد ناقش المسلسل هذه القضية في إطار كوميدي مؤثر ضمنياً حيث عرض تنمر إحدى الطالبات “جليلة” لأحد الأطفال وهو ابن الكبير “العترة” وسخريتها من شكله وحجم جسمه الكبير رغم أنه في نفس عمرها، ثم تنمرها بوالده ” الكبير” حيث كانت تعلم أن لديه مشكلة في حرف السين فصارت تسخر منه وتطلب منه أن ينطق جملة مكونة من حرف السين في أغلب كلماتها” ستي بسبستلي بسبوسة بالزيت والسكر والعسل”، ثم يعرض المسلسل مشهد للطالبة “جليلة” وهي تتعرض لنفس الموقف حيث تنكسر إحدى أسنانها فتحدث لديها نفس المشكلة في حرف السين؛ فيساعدها “العترة” ابن الكبير على النهوض من جديد بما يلقنها درساً في الحفاظ على مشاعر الآخرين وعدم التنمر بهم.
قضية أخرى يعرضها المسلسل وهي ” قضية إدمان الإنترنت والوشيال ميديا” وآثارهم السيئة في التفكك الأسري، حيث عرض المسلسل مشهد لجوني أخو الكبير الذي اعتاد على قضاء أغلب وقته على السوشيال ميديا إلى الحد الذي جعله يطلب من أخيه “الكبير” أن يبيع جزء من أرضه من أجل أن يشتري بثمن الأرض متابعين له على قناته على اليوتيوب.
وقضية أخرى يعرضها المسلسل وهي قضية ” المحتوى المفبرك والكاذب” الغير أخلاقي الذي يلجأ إليه مستخدمي التيك توك من أجل زيادة متابعيهم على حسابهم، حيث عرض المسلسل لفيديو قام يتصويره “جوني” ورفعه على قناته، ليتفاجىء بعد عدة ساعات بسرقة فكرة الفيديو من قٍبل “هجرس” وتصويره كما هو بنفس المضمون، وهو ما يعتبر سرقة للملكية الفكرية.
كما عرض المسلسل قضية المرأة وحقوقها؛ حيث أوضح أن للمرأة حقوق وواجبات مثلها كالرجل وأنها ليست كيان “لتنظيف المنزل وطهي الطعام وتربية الأبناء فقط”، ولكن من حقها التعبير عن رأيها، ومن حقها الحرية وعدم حبسها في منزل الزوجية، ومن حقها الخروج إلى النادي، وليس من الشرع أن يُهدر حقها، وكان “للكبير” كلمة مؤثرة في نهاية الحلقة توضح ذلك حيث قال: إحنا عمرنا ما شفنا إن الرجل أحسن من الست، إحنا الستات بالنسبة لنا هي الحنان ..هي الحاجة الحلوة اللي بتحلي مرار الأيام.. هي اللي بتصبرنا على مرار الايام.. المساواة بين الرجل والمرأة كذبة… احنا بنكمل بعضنا..احنا لو الرجل صك ذراعه في حائط ينفد الناحية التانية،وهو نفس الذراع اللي لو شال طفل دقيقتين هيخدل منه…الرجل من غير ست مش يسوى..التعبان عمره ما يقرس وليفته”
هذه بعض القضايا التي عرضها المسلسل، وفي كل يوم مازال يعرض قضية جديدة من قضايا المجتمع، في إطار يناسب كل فئات المجتمع ومراحله العمرية؛ لذا حقاً أن نرفع لهذا العمل القبعة اعترافاً بإحترامه لكل مواصفات العمل الدرامي الناجح البعيد عن الإسفاف والمشاهد الخارجة عن حدود الأدب والقيم والمبادىء التي تربينا عليها.