بقلم / حنان محمد
بين عام مضى وعام أتى تغير العالم كثيراً حتى أنت لم تعد كسابق عهدك، تنازلت عن بعض مبادئك، تخليت عن الكثير من أحلامك، أصبحت مثل هؤلاء العجائز الذين بغضت انتقادهم لك ذات يوم و الآن تفعل مثلما فعلوا، يتلاشى انبهارك تدريجياً بما تعلقت به فى السابق، كأنك سجين البَنكام (ساعة رملية ) تسكن إحدى حجرتيها، تارة تتربص قمتها وتارةً تنقلب على الجانب الآخر وينقلب كل ما بها عليك.
ما أشبه البارحة باليوم، واليوم بالغد لا جديد، في صغرك كنت تتمني أن تكبر مثل هؤلاء الكبار واليوم ترجو من الزمن أن يعود؛ لترجع طفلاً أكبر همه أن يتهرب من فروضه المدرسية، لكنه لن يعود ولن يتوقف على ذلك، ستكبر أكثر وتزداد مسئولياتك وستصبح كوالديك تقول وتفعل مثلهما، ستجد أن ما أخبروك به وحذروك منه وكنت تتقبله بسخرية يحدث حرفياً؛ لأنهم في يوم كانو صغارا مثلنا وحدث معهم ما حدث معنا ….. لكنهم لم يصدقوا في تلك الجملة “اتعب الآن وسترتاح غداً” كم بغضت تلك الجملة، أين غداً هذا لا أراه !لم ألتق به حتى الآن، أتَعب اليوم وأجد غداً أكثر تعباً .. لكن هذا لم يكن ظلماً، فإننا ننظر فقط أن التعب يزداد ولا ننظر إلى قدرتنا التي زادت أيضا،
فذلك الطالب الذي تمنى أن يُقبل في تلك الجامعة التى حَلم بها وبعدما تحقق حلمه لم يأبه إلا لصعوبتها وما يعانيه بها، ذلك الرجل الذى تمنى أن يحصل على ترقية بعمله وبعدما نالها بات يُصيح من المسئوليات التي على عاتقيه .. وغيره وغيره، لا ننظر سوى لمسؤليتنا التي تزداد بعمرنا ولكننا لا ننظر أن الله_عز وجل_ أعطانا ما تمنينا، لم يُحملنا ما لا طاقة لنا به بل أعطانا القوة قَبل الحِمل .
رئيس مجلس إدارة جريدة القاهرية