بقلم/ سالي جابر
أشتهي رحيلًا عن العالم؛ أرهقني التظاهر فيه بكل شيء، التظاهر بالثبات والقدرة على التعامل مع الأحداث، لا التظاهر بالهدوء رغم ضجيج رأسي الذي لا يهدأ، وروحي التي مازالت تائهة، لقد خالطت بين كل الأمور، ولهذا أريد الرحيل.
اليوم أنا لا أود البقاء معي، أرهقني صوتي الداخلي الذي يحدثني بالقوة، رغم ضعفي الواضح أمامي، الحب الذي رأيته نفاقًا، الأمل الذي صار رمادًا، الحياة التي وهبتني البقاء لتعبث بي.
ماذا تقولون عن حياة خالية من المشاعر والهدوء الذي يجعلنا نغفو على كتفيها، بل جعلتنا إصبعًا تحت فكيها، تطحننا، وتسير بنا في خراب؛ خراب داخلنا يجوب في كهوفنا المظلمة، ويتخطى بنا كل العثرات ليوقعنا في عثرة جديدة، لم أتمكن من تجاوز الماضي، حاولت التظاهر، إنه التظاهر فقط ما كان ملك يميني، تظاهرت بالقوة، بالأمان، لكن ما كان يصْدقه قلبي هو الرضا، ولهذا أنا بينكم الآن، راضية، فقط أنا أرضى وأسير رافعة يدي للسماء أترجى عطرها، وزخات أمطارٍ تحيي ما أماته دخان النفوس المريضة التي تنفثها في وجهي.
أشتهي رحيلًا؛ أرحل عن عالم مزيف، الكل يحمل قلبه بين يديه، يقلب الحب على الكره على التآمر، لا هناك خير يفعله، ولا قدرة على تمني الحب لغيره، الكل يسير وفقًا لعالمه الخاص، يدخل فيه من يريد ليوقع على قرارت ضعفه بحسن الوئام، وأنا هنا لا أود هذا ولا ذاك، ولهذا أشتهي رحيلًا.
لم يعد قلبي قادرًا على كل هذا، سأرحل وأبكي بمفردي، أجعل في وحدتي حياة أخرى غير التي تعلمونها، أجعل الوحدة سر الجمال والرضا، سأرضى كما أنا لكن الرضا هنا في وحدتي وظلامي، ظلامٌ من اختياري لا أسير فيه مجبورة على شيء.
أشتهي رحيلًا لعالم يشبهني، لا أبكي فيه أبدًا…