الرسالة الرابعة عشر إلى مجهول ( رماد كلماته)

 

بقلم _سالي جابر

” لا تقل أحبك، فلقد سمعتها بعدد نجوم السماء؛ افعل ما يمليه عليك حبك، فنادرًا هم الصادقون”

غسان كنفاني.

بعد أن تأقلمت على صمتك، وغيابك، وأنين الروح الذي خلفته في فؤادي الذى كان يرتجف اقتحمت ذهنه فكرة الانفصال عنك، تعود ويدك محملة برسائل لا أعلم إن كنت تكتبها بقلبك أم إنها مجرد كلمات، فأنت الشاعر العظيم الذي يجعل الكلمة رهن إشارته، يُغير أحرفها فيتغير مقصدها دون أن تفقد مَعلم من معالمها، الكلمة تصول وتجول في صفحتي البيضاء، تذوب روحي معها ويرتفع منسوبها عن تحملي، فأغرق في بحر كلماتك، تغيب وتعود برسالة جميلة يحتضنها قلبي ويحتفظ بها بين نبضاته، أزين بها حياتي، كما أزين غرفتي بزهرة التوليب، لم لا أرى حبك إلا في رسائلك، كلما تبتعد وأحاول نسيانك، تقترب ويبدأ الوله من جديد، ويذوب قلبي من جديد، وأموت وأُولد من جديد، ولهذا قررت أن أكتب إليك لأقرأ أنا لا لتقرأ أنت، لأستشعر أنا ضعفي وقوتي، أنيني وحبي بين سطور كلمات كانت ولا زالت سبب آلامي.

أتدري يا عزيزي، أن كلمة رفيقة الروح تُحيي قلبي؟

أتعلم أن الحب الذي وُلد في قلبي إليك يكبر يومًا بعد يوم؟

 فهو أنيسي ومُوقد ظلمتي، شعاع الضوء في آخر نفق الروح التي تم وأدها، كم أحتاج من الوقت لأستجمع شجاعتي وصبابة انصهرت في حرارة شوق ربما كان في مخيلتي فقط، ربما تعودت على أنينك، اعتاد قلبي الخفقان الذي يزيد وينقص، لكنه مازال على قيد الحياة يتشبث بك، يتمسك بتلابيبك ليس خوفًا بل حبًا لمن لامس قلبه الهوى، وكانت أنجم السماء تدور في أفلاكه، وأنا أدور معه نجمة صغيرة بينما هو الشمس التي تضيء وتنير، وتكون سببًا للاشتعال، كلما اقتربت احترقت، وإذا بعدتنا المسافات يتجمد الحب فيًَ، وأقترب ينصهر جليد روحي، وهكذا أنا معك صغيرة أدور في أفلاكك.

 ‏يا عزيزي؛ وددتك معي بقلبك تسمعني، تكتب إلىً وتعطر صفحتي البيضاء بكلماتك الحانية التي اعتدت عليها.

 ‏أين وعدك لي؟ لقد وعدتني بالكتابة رغم ثقل الوعد، هذا كلامك، واليوم لا تتذكر شيئًا عن رسائلك لي، ولم تتذكر رسائلي إليك، سأحاول جاهدة أن أتخلص من ذاك الحب، كلما قرأت رسائلك يتحول قلبي إلى عصفور صغير، يغرد ويشدو بالحب، ينسى آلامه ويهرول ليحتضن كلماتك، ماذا إذا جمعت كل حروف كلماتك لي، وكلماتي إليك وأحرقتها وتحولت إلى رماد، أبخر بها قلبي لعله يتناسى ذاك الألم الذي كلما قل،ضاعفته وضعف من سطورك، من كلمة رفيقة الروح، من كلمة عزيزتي، ألا ترى كم المعاناة التي تفعلها بي كلمة؟!

 ‏لا يهم ما تشعر به الآن قدر أهمية فكرة رماد كلماتك، لقد خِفت أن تدمن أنفي تلك الرائحة لأكتب أكثر وأتألم أكثر فأحرق تلك الكلمات المعذبة، وأبخر بها روحي كي يهدأ الأنين.

 ‏لا…لا أريد أن أدمن كلماتك وأدمن رمادها، إذا أردت الرحيل ارحل في صمت وخذ معك كل شيء، فلا شيء يُجدي في تلك الحالة، وطالما لابد من أنين؛ فاتركني أتألم في صمت، وأبكي في سكون.

 ‏عزيزي ورفيق روحي؛ كن دائمًا بجانبي أو ارحل في صمت.

رئيس مجلس إدارة جريدة القاهرية

الرسالة الرابعة عشر إلى مجهول ( رماد كلماته)
Comments (0)
Add Comment