كتب_فرج العادلي
علَّم ربنا سبحانه وتعالى الفقهاء أن يخبروا الناس بالمكروهات، والمحرمات، لكن مع إرشاد الناس للبدائل من المباحات.
فحرم ربُنا _سبحانه_ الربا، لكنه أحل لنا البيع، والشراء.
وحرم الزنا، وأحل الزواج.
وحرم الكذب، وأباح المعاريض،
ومعنى المعاريض: أن يريد الشخصُ أن يُكلم غيره بكلامٍ إن صرح به كان كذبًا، فيأتي بكلامٍ آخر يوافق ذلك الكلام في اللفظ، ويخالفه في المعنى، فيتوهم السامع أنَّه أراد ذلك وهو ليس كذلك)
فمثلا: لما كان المشركون يبحثون عن النبي _صلى الله عليه وسلم_ أثناء الهجرة النبوية_ فلقاهم أحدُ المشركين في طريقهم فقال لهم: ممن أنتم؟ أي من أي البلاد أنتم؟ لأنهم كانوا ثلاثة، والمشركون يبحثون عن ثلاثة أيضًا، فقال له النبي _صلى الله عليه وسلم _ نحن من ماء. يقصد _عليه الصلاة والسلام_ أنه خُلقَ من ماء دافق. فظن الرجلُ أنه يقصد البلد، أو الوادي الذي يسمى (ببطن ماء) وبذلك تركهم الرجل، ولم يبلغ المشركين عنهم_ ظنًا منه أنهم من بطن ماء وليس مكة المكرمة.
لكن هناك أمرٌ دقيق فلو زاد استفساره فقال لهم: هل أنتم من ماء البلد؟ فلا يجوز حينها إلا إخباره بالحقيقة.
لكن ممن أنتم فقط بشكل عام يجوز أن نخبره بشيء آخر خشية الهلاك.
إذن أعود فأقول: لكل حرامٍ بديلٍ من الحلال.
مثال معاصر
أحيانًا يريد الشخص أن يقترض مبلغًا بفائدة، ليشتري شيئًا معيًا، وهذا ربا محرم في _غير الضرورة القصوى_ فنخبره بحرمة المعاملة.
ونقول له: وأما البديل المباح: هو أن تطلب من شخصٍ أن يشتري لك هذا الشيء، ثم يتملكه ويبيعه لك بسعرً مختلف، ويأخذ الزيادة كربحٍ حلال طالما أنه يعمل في البيع والشراء (حتى ولو لم يكن تاجرًا بالمعنى التقليدي)
ولذلك لا ينبغي للمفتي أن يتصدر أمر الفتوى إلا إذا كان ملمًا، وعالمًا ببدائل جميع المحرمات، حتى لا يُغلق الدنيا في وجه الناس _ويقحمهم في الحرج الشديد بين حاجتهم ودينهم_ بقوله هذا حرام وهذا لا يجوز وكفى.
فماذا يصنع الناس حينها؟!
وينبغي على الناس أيضًا أن يعلموا أنهم خلقوا في هذه الدنيا ليُختَبروا، فليس كل شيء نريده يجب أن يكون مباحًا، أو لابد أن نُحقِقَهُ، وإلا فلم الجنة والنار إذن؟!