عزيزي المعلم أعر طلابك اهتماما

بقلم_  دكتورة سلوى سليمان

مما لاشك فيه أن نجد داخل نطاق العملية التعليمية معلمون ذوي نظرة ضيقة، لا يبصرون فقط غير الطالب ذا التحصيل الأكاديمي المرتفع، دون الاهتمام بما يمتلك غيره من الطلاب من قدرات ومواهب مختلفة، لذا نجد الطالب الموهوب مهمش، لا اهتمام بميوله وإنجازاته واهتماماته، وكأنه فقط خلق كي يتلقى المعلومات، واسترجاعها، فيشعر بعضهم بالامتعاض لأنهم لا يجدون أنفسهم، ولا يحققون ذواتهم، فقط نجد أغلبهم يهابون ويرهبون المعلم.

وأنا أرى أنّ هناك حاجة ملحة للتخلص من هذه الفكرة، إذ إنّ المعلّم يجب أن يعمل عمل مؤثر؛ كي يتعلم الطلبة جميعهم،ويصلون إلى آفاق أكثر رحابة ويجب عليه أن يبحث وينقب ويكتشف الطلبة الموهوبين في غرفة الصف من خلال التعلّم المقدّم لهم، بحيث يحرص على أن يكسبهم شيئًا جديدًا يستفيدون منه، ويضيفونه إلى خبراتهم.

وحقيقة لا يجب أن نغفل أن العملية التعليمية لن تنهض منقسمة مشتته بالفرقة بين الطلبة، وهنا يكمن المعنى الذي أريد تكريسه، فهل يجوز أن نتجاهل حقوق الطالب إبان المدة الزمنية التي خصصتها الدولة له كي تنمو قدراته ومهاراته ومواهبه؟

ويبدو لي أنّ المعضلة وراء هذه النظرة البالية من قبل المعلّم للطالب الموهوب هي تركيز النظم التعليميّة على الاختبارات التحصيليّة، فجعلتها هدفًا في ذاتها، ولذلك يركز كل أطراف المنظومة على هدف واحد وهو تميز طلاب المدرسة تحصيليا.

الا ان هذا هُراء، فالهدف الأسمى للعملية التعليمية يجب أن يتركز على إعمال العقول، كي تفكر وتنتج وتتطور،والتركيز على تنمية القدرات والمهارات والمواهب المتعددة.

فأنت عزيزي المعلم تتعامل مع طالب حقا يريد أن يتعلم ويتطور وينمو كلية، وليس مجرد أداه تستخدمها كي تحقق أهداف شخصية،والتي تكمن في تقديم المنهج والانتهاء منه قبل نهاية العام دون أدنى تقدير لعقول ومهارات تحتاج أن تنمي قبل أن تخبو وتنطفئ.

فلابد من خطوات جسور لاكتساب المعلمين نظرة جديدة نحو الطلبة، الموهوبين، وسبل اكتشافهم، وشروط عمليّة تحديدهم، وأساليب دعم تعلّمهم في سبيل ألّا يهمل جزءًا من الطلبة بسبب كونهم يتجاوزون الاختبارات التحصيليّة بيسر،والوقوف على جوانب النقص كي نتلافاها ونتحاشاها.

ومن هنا نحن نحتاج إلى دعم تعلم الموهوبين وتلك مسؤولية تقع على عاتق أعضاء المجتمع المدرسي
فأولي الخطوات في طريق تنمية المواهب أن نخلق بيئة متجانسة من خلال وضع الطالب مع أقران يشبهونه في المستوى، وأيضا القدرات والمواهب، وذلك لجعل التنافسية الإيجابية بين الطلبة في أعلى درجاتها؛ مما يدفعهم لاستثمار مواهبهم وإظهارها بأساليب لافتة، وهذا لا يعني تجميع الموهوبين في صفوف منفصلة، بل أن يكونوا في محيط يستثير مواهبهم.

أخيرا. هناك حاجة ملحة كي نوفّر البيئة التعليميّة المناسبة التي تلبّي الحاجات المختلفة للموهوب، على أن تشمل البرامج المقدّمة له النواحي السلوكيّة والنفسيّة والاجتماعيّة والتعليميّة، وأن نراعي أوقات تنفيذها داخل المدرسة، وبعد انتهاء اليوم المدرسيّ بمهمّات واضحة تحقّق مهارات عميقةً مثل “مهارات حلّ المشكلات ، والتفكير النقديّ، و الإبداعيّ. وتقع آلية دعم الموهوبين على عاتق أعضاء
المجتمع بما يشمله من الأسرة والمدرسة والمؤسسات المتخصصة،مع العمل الدؤوب للمحافظة على حماس الطلبة الموهوبين نحو مواهبهم عاليًا، وأنّ نوفّر البيئة التعليميّة المناسبة التي تلبّي الحاجات المختلفة للموهوب….

رئيس مجلس إدارة جريدة القاهرية

عزيزي المعلم اعترى طلابك اهتماما
Comments (0)
Add Comment