بقلم- د.أسعد محمد الجوادي
ناقش مجلس الأمن في عام ٢٠٠٧ مشكلة تغير المناخ ، باعتبارها من المسائل التي تهدد السلم والأمن الدوليين ، وتنذر بحدوث تهديد بيئي لم يسبق أن واجهه العالم من قبل ، ويتمثل في ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض ، واستمرارها في الارتفاع لدرجة تؤدي لأخطار داهمة لا يمكن تدارك آثارها ، ومنها التأثير علي صحة وحياة الإنسان ، واضطراب نظم الزراعة وهطول الأمطار ، وزيادة الجفاف والتصحر في بعض أجزاء العالم ، كما يصاحب ذلك ذوبان أجزاء من الجبال والأنهار الجليدية في القطب الشمالي ، تؤدي لرفع منسوب البحار والمحيطات ، مما ينشأ احتمالية ابتلاعها للأراضي الساحلية المتاخمة لها في كل مناطق العالم ، وغرق بعض الدول التي تتكون من جزر صغيرة ، وإجبار الملايين من مواطنيها علي الرحيل عنها تاركين ديارهم وسبل عيشهم .
كما يزداد معدل حدوث الفيضانات المشهورة بأنها الأشد ضرراً في العالم سواء من الناحية البيئية أم الاجتماعية أم الصحية كإعصار أو في المحيط الهادئ كما يصدر هذا التغير المناخي أيضاً حكماً بالانقراض علي كثير من أنواع الكائنات الحية ، وخاصة القطبية منها .
وبالنسبة لمصر ، فقد صنفت ضمن (٨٧) دولة مهددة بشدة بالمعاناة من أراضي الدلتا ، ووجود حالة من عدم اليقين بشأن منسوب مياه النيل ، وهل سيزيد أم ينقص ، لذا فإن هذه المشكلة تمس صميم الحياة في مصر .
وبالرغم من محاولة المشروع المصري للتصدي للمشكلات البيئية بوجه عام ، باعتبار أن حماية البيئة واجب وطني ، إلا أن الملاحظ أن النصوص ذات الصلة لم توفر الحماية المتطلبة لمشكلة مثل تغير المناخ ، التي تتطلب معاييراً أكثر فاعلية للوصول إلي هدف الحماية المنشود .
وحري بالذكر أن معالم حماية المناخ قد بدأت تتبلور داخل الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة ، التي خططت في عام ١٩٩٠ لإعداد اتفاقية دولية تنظم حماية المناخ ، وتكافح تغيره ، وتبين كيفية التعامل مع آثاره المتوقعة ، علي أن يتم فتح باب التوقيع عليها أثناء انعقاد مؤتمر ” ريو ” للبيئة في عام ١٩٩٢ ، وبالفعل وقعت ( ١٥٦ ) دولة من حضور المؤتمر علي هذه الاتفاقية ، وأطلق عليها اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ .
وقد نصت هذه الاتفاقية في مادتها الثانية أن الهدف منها هو تثبيت نسبة تركيز الغازات الدفيئة ، التي تنتج عن الأنشطة الصناعية للدول ، في الغلاف الجوي للأرض عند مستوي يحول دون حدوث مزيد من الخلل في النظام المناخي ، مع ضرورة إبرام صكوك أخري ذات صلة بها تسعي لتحقيق هذا الهدف وفقا لجداول زمنية محددة .
وبناء عليه:
ينبغي أن يتم دعمهما بخطوات أخري أكثر إلزاماً وفاعلية ، نظراً لأهمية تحقيق تلك الحماية التي تصطبغ بصبغة إنسانية تمس حياة كل فرد في العالم ، وإذا كانت أجيال اليوم تستظل بظلال الأشجار التي غرسها آباؤهم ، فعلينا أن نهتم لأمر أبنائنا والأجيال القادمة كما اهتم الجيل السابق لأمرنا ، وعلي الدول أن تتحمل بالتزام حماية وتحسين البيئة ، لتلائم أجيال الحاضر والمستقبل علي السواء ، وإذا تأخرت عن الوفاء بهذا الالتزام قد يأتي يوم نطلب فيه أن يتوقف الزمن لنتدارك ما فاتنا ، ولكن الوقت أصم أمام كل رجاء ويستمر في اندفاعه ، وكثيراً ما دون فوق أنقاض العديد من الحضارات عبارة ” فات الأوان ” .
تقولون إنكم تحبون أبناءكم أكثر من أي شيء آخر، ومع ذلك تسرقون مستقبلهم أمام أعينهم جهاراً نهاراً .