بقلم/ سالي جابر
الصداقة هي الحب، هي توزيع جديد لسيمفونية غير متماشية مع ذواتنا، بها نتقبل الحياة كما هي دون تذمر أو ضجر.
حين يلبي صديقى طلب رفقتي رغم انشغاله؛ فقط رغبة لإسعادي، حين أجده متى أحتاجه، حين نشرب الشاي سويًا ونضحك على ماكان، نتألم لحزننا، ونسعد لفرحتنا.
الصداقة هي علاقة الأنا مع الغير بحب صادق غير مشروط
وتتلخص حين قال ( أبو بكر الصديق):” مرِض الحبيب فعدته.. فمرضت من أسفي عليه، شفي الحبيب فزارني.. فشفيت من نظري إليه”
سئمت الأيام والليالي وحدي، رغم أن وحدتي كانت بين كوب قهوة وكتاب، وحدتي كانت في ذاك العالم الذي صنعته لذاتي من أشياء بسيطة، تركت العالم الخارجي؛ عملي، الآخرين الذين يصنعون الصحيح من فارغ الهواء، لكني لم أستطع أن أتخلى عن صديقي في وحدتي، حينما أقول له أتركني وحيدًا فأنا أود أن يتمسك بيدي بشدة ولا يفلتها، وإن أفلتها مرة فربما ذاك من شدة الحياة وصعوبتها، صديقي الذي أخشى الحياة دونه، هو أيضًا يراني كل حياته، حين نجتمع تكون الحياة وردية، نرى سقف الحجرة بستان تتساقط منه الورود، نستمتع بألعاب الصغار ونشاهد أكثر الأفلام لطفًا وسخرية، نهزأ من مشاكلنا، وتعبث بذاكرة الطفولة لنستخرج أجمل الصور، نضحك ونمرح ويجد كل منا لامعة الدموع المتحجرة، يبتسم في وجه الآخر حتى لا تسقط منه رغمًا عن قوته المفترضة، وضعفه المستتر، وحياؤه القابع في ظلمات نفسه، وظلام الحياة.
عندما كنت صغيرًا؛ كنت أرى العالم في عيون أمي فقط، ربما لم أكن أفهم كل ما تقوله، بينما الآن فهمت عندما جلسنا سويًا( أنا وصديقتي) نتذكر أحاديث الأم وهي تشرح لنا معنى الحب، معنى الصداقة، ومعنى أن تكون في سلام مع نفسك قبل الجميع.
اليوم سوف أشرح للجميع أنني عندما كبرت وعشت معنى الوحدة؛ فهمني معنى الصداقة، اليوم وأنا في وحدتي وعزلتي فهمت أن الحب ليس فقط في معاني المحسوسات؛ بل إنني أحبك قلمي وكتابي، أحب قهوتي، أحب كل ما من شأنه أن يعطي معنى للحياة، في غياب الأم والصديق، لجأت إلى القلم والكتاب والقهوة، لجأت لمن يجعل من الوحدة أمان وسلام.
عندما كبرت ظهرت كل مكنوناتي أمامي متجلية في صورة هروب لعالم اصنعه، لمكالمة مع أمي أشكو لها ما فعلت بيَّ الأيام، لصديق أحتضن يده في سلامي، لكلمات عتاب له لا ينطقها لساني، فقط لإنني أحبه.
صديقي إن لم تكن الآن معي، فأنت في قلبي وعقلي، عذرًا تمسك بقلبي وروحي ولا تتركني وحيد، فأنا بدونك بالفعل وحيد.