سهام سمير
أهدته قطعة منها، بشرة صافية رائقة يلمسها صباحًا مساءً، يشم رائحة الحليب حين يقربه إليه، يتسمع أنفاسه المنتظمة، يُكبر فى أذنه اليمنى، يتمنى له العمر المديد، يؤلم له، ويراقب نموه يومًا بعد يوم..
أهدته بعضًا منها، روحها، مثلا، قد يكون صوتها، تقطيبة جبينها حين تغضب، بعض من سماحة وجهها، أو حبها له.
أهدته سندًا لأيامه، عكازًا لمواجعه، مُسكنًا لآلامه، قد تكون بثت فيه من شكواها، قد يشعر أنه آلمها حين يرى ألم وليده، الولد سر أبيه، وأمنية أمه، ربما استجاب لأمانيها حين أورثتها هذا المولود.
أهدته حياة، صخب البنين، وغنج البنات، نومًا ملء الجفون بعد شقاء يوم طويل، ممنيًا روحه برؤياهم.
فماذا ستهديه أنتِ؟
بضع كلمات، ينتشي بسماعها، وينساها من فوره، يفكر فيهن ليلا، يساعدنه على الاستغراق فى النوم، ثم يصحو على صوت أحد الأبناء ممتطيًا ظهره، أو متلمسًا ذقنه النابتة فتشكشك ذا البشرة الملساء!
هل تهدينه صفحات بيضاء؟
ليخط عليها يوميات أبنائه، ليكتب فيها اعتذارا لزوجته عن بعده عنها، ليعدها بالبقاء معها وقتا أطول، ثم يذيل الورقة بتوقيعه، وينسي أن يكاتبك ليعتذر منكِ على مخالفته موعدكما!
هل تهدينه قلمًا، يسطر به نهاية الحكاية؟
ألستِ أجدر بكتابة هذه النهاية؟
أهدته رحيق الحياة، بل الحياة نفسها، حين تهدينه أنتِ الوهم مغلف بسيلوفان.