الأستاذ المتضع

بقلم – مسمير المطيعي

“الأستاذ المتضع “من كتابه “مطرقة في صخور الغربة”

     ” قد تكون مجرد شخص عادي في هذا

                العالم لكنك لشخصٍ ما.. أنت العالم كله . “

                                               ماركيز

رغم كثرة الذكريات وتراكم الأيام بأحداثها، وأسفارنا وترحالنا، ستظل هذه الأحداث و الذكريات منقوشة بلمحفورة بين حنايا قلوبنا قبل عقولنا خاصة حينما يكون أحد أبطالها هذه الشخصية الرقيقة النبيلة والتيبلغت قمة درجات الرقي والإحساس، فحينما يتذكرها المرء منا أجدني عاجزًا عن إيجاد الكلمات التي تعطيهذا الإنسان حقه.

 فهو أستاذ ورئيس قسم بكلية الهندسة ويشغل أيضا منصب رئيس قسم الدراسات العليا بالجامعة، يشرفعلى العديد من الرسائل مثل الماجستير والدكتوراة بالإضافة إلى مشاريع طلاب السنة النهائية بالكلية،أسمر البشرة سُمرة طمية النيل الجميل.. ولِمَّ لا؟ فهو من مواليد محافظة أسوان .. شعره أسود قصير جافمجعد  مع قليل من اللون الرمادي في منطقة ما فوق أذنيه.

  قامته حينما يسير تذكرني بالراحل جمال عبد الناصر إلا أن صاحب السيرة لم يكن عريض المنكبين مثلالزعيم الراحل. لم يعمل بالسياسة فهو أكاديمي متمرس ومتفرغ، وإن كان يقوم بالتدريس بإحديالأكاديميات العسكرية ليصبح تلاميذه ضباطًا مهندسين .

  أما عن إخلاصه في العمل فكان يدخل دائمًا من باب مدرج المحاضرات قبل موعده بـ 5 دقائق، ويستمر فيالشروحات والمناقشات مع طلابه حتى نهاية  المحاضرة، وأحيانًا يكون الوقت غير كاف لإنجاز وتوصيلالمطلوب منه لطلابه فيطلب منهم حضور محاضرة إضافية يوم الجمعة وغالبًا كان يكرر هذا مرة كل شهرعلى الأقل، وكان يقنع طلابه بأن المنهج طويل ولابد أن ينهيه مهما كانت الظروف.

 رأيناه يذهب بنفسه إلى المطبعة يوم الامتحان الخاص بمادته، باكرًا جدًا ويدخل حجرة الطباعة بمفرده بعدأن يطلب من أحد السعاة أن يجلس أمام باب المطبعة كحارس لمنع دخول أي موظف أثناء طباعة امتحاناته،ومتى اقترب موعد توزيع الأسئلة نراه يخرج مباشرة إلى لجنة الامتحان فيقوم بتسليم أوراق الأسئلةبنفسه للمراقبين وبدورهم يوزعونها على الطلاب أثناء وجوده في اللجنة

كان قويًا في حزمه، ذلك الحزم الممزوج بالإتضاع، فكان إنسانًا بما تحمله الكلمة من معان، وكعادته  في أولمحاضرة بالعام الدراسي كان يحرص أن يقول لطلابه بعض القوانين والمبادئ التي يجب أن يسيروا عليهاخلال العام الدراسي ومنها عدم الغياب بقدر الإمكان لأنكأيها الطالبلو تخلفت عن الحضور لإحديالمحاضرات سيكون من الصعب فهم المحاضرة التي تليها أما لو تغيبت عن حضور محاضرة أخرى فسيكونمن الاستحالة أن تفهم باقي المنهج بأكملهويستمر الأستاذ في إلقاء شروط الحضور قائلا متى دخلتالمدرج لأبدأ المحاضرة سُيغلق الباب فورًا ولا أحد يفتحه إلا في نهاية المحاضرة حتى لا يحدث تشويش أوانقطاع لحبل أفكاري وأفكاركم، ومازال الكلام للدكتور أيضًا، ولكن إن أتيت أيها الطالب متأخرًا لظرف مافعليك أن تدخل بهدوء من الباب العلوي للمدرجأي ناحية آخر صف للطلبة  – وتأخذ مكانك بلا إزعاج ولاضجيج

   ولعلني أتذكر أن هذه القاعدة قد كُسرت بواسطة أحد الطلاب مرة واحدة وسمعت عنها من أحد الطلابالذي حضر المشهد، وكذلك من بعض شهود العيان للواقعة وكان يرددها كثير من زملاء هذا الطالب بدفعته

     ففي ذاك الصباح بدأ سيادته المحاضرة كعادته ممسكًا إصبع الطباشير وغالبًا ما كان يستخدم طباشيرًامستوردًا وملونًا لكثرة الرسومات وتسهيلا لفهمها، وفجأة سمع دقات خفيفة على الباب الرئيس، وكان قدأغلقه بنفسه منذ دقائق معدودة ..

طالب خلف الباب يريد الدخول للمحاضرة كاسرًا للقاعدة والمبادئ المتفق عليها منذ بداية العام الدراسيفأخذ يدق الباب بنقرات شبه مسموعة بكل أدب وهدوء لعل الدكتور يسمح له بالدخول، فقال له بصوت شبهمسموع : ادخل من الباب العلوي  يا ابني، هكذا كان يردد هذه الكلمة كثيرًايا ابني، ثم سمع الجميعنقرة أخرىَ خفيفة على نفس الباب بينما الأستاذ مستمرًا في شروحاته فقال بصوت أعلى قليلا , عليك ياابني صعود السلم الخارجي لتدخل القاعة من الباب الخلفي , توقف الواقف خلف الباب عن طرقه مرةأخرى، ومرت عدة دقائق ونسى الجميع دقات الباب ومن كان الطارق، وكأن شيئًا لم يحدث،  وإذ يسمع جميعالطلاب وكذلك أستاذهم  دقة عالية مدوية الصوت وقوية كما لو كان الباب العلوي قد  ضُرب بمطرقة حديديةوتلتها مباشرة دفعة قوية عالية الصوت أيضًا كسرت صمت الطلاب وكسرت حديث الدكتور وأوقفته عنالإستمرار فيما يجب قوله، ثم يُفاجَئ الجميع بما فيهم الدكتور بفتح الباب العلوي ليدخل أحد الطلاب،منهك القوى وهو يحاول أن يلتقط أنفاسه من شدة المجهود الذي بذله أثناء محاولة صعوده درجات السلم،بعد أن يأس من فتح الباب السفلي ولم يسمح له بالدخول منه، دخل ووقف وجبينه يتصبب عرقا، متكئا علىعكازين محاولا أن يحتفظ بكتبه في يده بجوار عكازه، وكذلك أدوات الرسم الهندسي ؛ اللوحات والمسطرةالكبيرة حرف ( تي ) .. فقد كان هذا الطالب من ذوي الاحتياجات الخاصة، يعاني من شلل أطفال منذ طفولتهوكان يسير بعكازين رغم صعوبة حمل كل الأدوات السابقة الذكر بالإضافة إلى كشاكيل ومذكرات ولوازممحاضراته طوال ذاك اليوم ، واضطر أن يصعد درجات السلم بهذا الحمل الثقيل  (وعلى ما أتذكر كان قدصعد ممسكًا بحافة السلم حوالي  10- 15 درجة سلم) وهو ليس هينًا على طالب معاق  يصعد الدرجبعكازين حاملا كل ما سبق ذكره؛ ليصل إلى الباب العلوي للمدرج يلتقط أنفاسه بالكاد، و حتى يستطيع أنيفتح الباب الخلفي ليدخل المدرج كان لابد له أن يدفعه بأحد عكازيه، فانفتح الباب محدثًا صوتًا عاليًا ثمخطى خطوة واحدة للداخل ووقف على أعلى درجة بالقاعة وهو ينظر للجميع بما فيهم الدكتور، كما لو كانيعاتبهم جميعا على المعاناة التي لاقاها جراء ذلك، وبينما ينهج الطالب محاولا التقاط أنفاسه، يلملمحاجياته من كتب قد بعثرت على الأرض، نظرجميع الحضور إلى الخلف حيث زميلهم الواقف بلا حراك منهكالقوي، يتصبب عرقًا، أما الأستاذ فكان صامتًا مصدومًا وكذلك الطلاب .

حاول الأستاذ أن يتصرف أو يُعمِل عقله أمام هذا الحدث المفاجئ فانسحب بهدوء من أمام مكتبه بجوارالصبورة، تاركًا ما بيده من طباشير ومذكرات وأقلام، ووسط ذهوله توقفت كل الأفكار العلمية وما يجبشرحه من دروس، وأسرع  صاعدًا درجات سلم المدرج  بكل ما يملك من قوة رغم كبر سنه، ليصل للطالببسرعة فيرفع حقيبة كتبه عن ظهره المنحني ويطلب من بعض الطلاب مساعدة زميلهم في التقاط أدواتهالمبعثرة، ثم أخذ بيد الطالب خطوة بخطوة إلى أن وجد له مكانًا بين الطلبة وساعده على الجلوس فيوسطهم ولسان حاله يقول له أمام الجميع أنا آسفيا ابنيأنا لا أقصد إطلاقًا أن أتسبب في كل هذهالمعاناة ..كرر الدكتور كلمة آسف كثيرًا وهو فى طريق العودة نزولا إلى مكانه ليكمل المحاضرة، وتصورالجميع أن الوقت قد حان لينتهي هذا المشهد بأسف أستاذهم، ولكنه مازال مستمرًا بقوله أرجوك يا ابنياقبل أسفي واعتذاري  . كان لابد أن تدخل من الباب السفلي..  كيف حدث هذا؟أظن أن إرشادات أول السنةكانت غير واضحة وكان لابد لي أن أوضح وبالتفصيل أنها لا تنطبق على الحالات الخاصة . معذرة هذاتقصير مني . أنا أقر بذلكيرد الطالب وهو في غاية الإحراج ليخفف عن أستاذه صعوبة موقفه قائلا .. لاداعي للأسف يادكتور أنا بخيرفلم يحدث لي أي مكروه، وبعمق مشاعره ترك الأستاذ ما بيده من أوراقبينما لاحظ طلابه أن وجهه قد تصبب عرقًا وبدأت يداه ترتجفان، ومازال يردد ملوحًا بيده كعلامة للتعجبمتسائلا: كيف يحدث هذا ؟آسف يا ابني .

أخذ الأستاذ إصبع الطباشير وأدار وجهه تجاه الصبورة ليكمل محاضرته واذ به يتوقف وعيناه شبه دامية  ويرفع حاجبيه بطريقة شديدة العصبيه مؤنبًا ذاته  ومرة أخرى وأمام السبورة حاول أن يستأنف كلامه،وسط تشتت ذهني عميق مستنكرًا ما حدث لهذا الطالب معتبرًا أنه السبب أو بسبب قوانينه المجحفة، وظللبعض الوقت مطرقًا برأسه لأسفل كما لو كان يؤنب ذاته أو يجلدها على فعلته هذه .. وبإصبع الطباشيرالموجود بين إبهام وسُبابة يده اليُمنى بدأ يطرق قليلا على مكتبه ويداه لازالت ترتعشان، فسقط إصبعالطباشير من بين أصابعه المرتجفة ووقف لدقيقة أو أكثر ممسكًابين حاجبيهأو قل أعلى قصبة أنفهالفرعونية الشكل، كما لو كان يحاول أن يعتصرأفكاره ليخرج من حالته هذه .

استمر واقفًا حائرًا مطرق الرأس ناظرًا للأرض لدقيقة أو أكثر قليلا، ثم وضع أصابع يده اليمنى الأربعة علىجبهة وجهه مدلكا إياها بقوة كما لو كان يقلب شريطا لأمر درامي حدث توًا ويريد الخروج منه .

لحظات صمت بطيئة كئيبة شبه حزينة مملوءة بالأسف وعقدة الذنب غير المقصود بالمرة، بينما الأستاذ يمربحالة من الصراع الداخلي، و تبعًا لذلك انتقل الشعور بالأسف لمعظم الطلاب فأصبحوا في حالة صمت تامكما لو كان على رأس كل منهم طيرًا واقفًا

ضغط أستاذهم أعلى أذنيه بكل شدة بيده عله يستعيد اتزان فكره بينما وجهه لازال يتصبب عرقًا بل ازدادإصفرارًا .. ولازال يردد ويتأسف لتلميذه للمرة المائة وبصوت منخفض كما لو كان يخاطب نفسه، أمسكإصبع الطباشير مرة أخرى وأخيرة محاولا استكمال عمله فلم يستطع وخانته عاطفته، لم ينجح فيالاحتفاظ لا بالقلم ولا بالطباشير في يده المرتجفة فسقطوا من يديه على الأرض، واغرورقت مقلتاه قليلا، ذلكالضابط الكبير أحد رجالات القوات المسلحة مطور إحدي المنظومات الإلكترونية للصواريخ الروسية ليصلمداها إلى عمق أراضي العدو, ضابط أستاذ دكتور مهندس مرتبته ودرجاته العلمية العالية كفيلة بأن تعفيهأو تنسيه هذا الموقف، ولكنه إنسان قبل كل شئ يؤمن بأن مهمته ليست التعليم فحسب، ولكن السموبالمبادئ الإنسانية وتطبيقها عمليًا مبتدءًا بذاته ليرفع كل من حوله معه لمرتبة السمو الراقي، فالإنسانيةعنده قبل العلم .الإنسانية التي يؤمن بها هذا الرجل ليست كلمة مجردة جوفاء مثل الشعارات بل هيالتطبيق العملي للحب والتضحية وإسعاد الآخرين.

فكر الطلاب في كل هذه المناصب والسُلطة والعلم التي يمتلكها أستاذهم  ولكن الأستاذ المندمج في هذهاللحظة في أعماق المشاعر، توقف قليلا وهو يجفف عرقه  وبدأ يلملم أوراقه بسرعة غير عادية ثم وجه كلامهللحضور قائلالقاؤنا في المحاضرة القادمة، وترك المكان صامتًا مكفهر الوجه تعلوه علامات الحزن .

ترك القاعة بعد دقائق معدودة من بداية المحاضرة بسبب هذه الدراما الإنسانية التي لم يستطع قلبه الطيبتحمل تبعاتها

قارئي العزيز..  هذه أخلاق إنسان أخلاق ضابط بل بطل من أبطال حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر المجيدة،وبشهادة وأقوال معيدي وطلاب الدراسات العليا أنه حينما كان يدخل بسيارة القوات المسلحة للأكاديميةالعسكرية لإلقاء محاضراته عليهم، يُضرب له البروجي على باب الكلية العسكرية، وللذين لا يعرفون ما هوالبروجي، هو صفارة نُحاسية عسكرية تستخدم بطريقة خاصة لتنبيه الحاضرين بهذه المنطقة أو المنشأةالعسكرية  بوصول أحد الرتب العسكرية، وكذلك يضرب له حرس السلاح ؛ لأنه ضابط يحمل رتبة كبيرة .

أظن أنني لم أستطع أن أغطي الكثير من الجوانب العلمية والإنسانية في حياة هذا الرجل الكبير البسيطلأنها جوانب متعددة، وأختمها بأنه قد أصيب في قرابة ذلك الوقت، ربما من شدة الإرهاق أو العمل والبحثالمتواصل أو بسبب مشاعره المرهفة وإنسانيته المفرطة، أصيب بذبحة صدرية ألزمته المكوث بمنزله بأوامرطبية، وبعدها بفترة ذهب إليه مجموعة من إتحاد الطلاب فرحبت بهم السيدة زوجته وأخبرته، فدعاهم  للدخول إلى حجرة نومه حيث كان راقدًا شبه جالسًا مسندًا رأسه وظهره بعدة وسائد .

استأذن الطلاب من معلمهم أن يسألوه بعض الأسئلة ليقوموا بطباعتها بمجلة الاتحاد أو أي جماعةطلابية، فبدأوا بالأسئلة التقليدية  الاسمماذا أصاب سيادتكمهل سيادتكم تريدون أي خدمة نستطيع أننقدمها لكم؟ وكان يجيب بكل تواضع .. أشكركم، ثم ألقى أحدهم السؤال الذي اعتبره الفاصل الذكي العميق .. سيدي الدكتور إن بعض من طلابك يمتلكون سيارات وكذلك زملائك وبعض من السادة المعيدين وهم أيضًاتلاميذ لك، لماذا سيادتكم لا تمتلك سيارة حتى الآن؟ مع أنك رئيس قسم وتحمل لقب الأستاذية، وهي ليستشهادة في مصر وحدها بل من أعلى الشهادات العالمية ؟  وكذلك أنت رئيس قسم الدراسات العليا بالجامعةبكافة أقسامها وتخصصاتها ؟.. لماذا سيدي ؟ وأنت تستطيع وبكل سهولة أن تشتري سيارة لتستخدمها فيالذهاب والعودة من وإلى الكلية توفيرا لمجهودك .. ابتسم الأستاذ وقال لهم ليس الزملاء ولا المعيدين ولابعض من هيئة التدريس فقط هم من يمتلكون سيارات، بل أمين المعمل وأمين المخازن وبعض موظفي شئونالطلاب يمتلكون أحدث السيارات، ولكن أنتم أبنائي ولا أخفيكم شيئًا ..أعرفكم بأن مكتبي ومكتبتي فيالحجرة المجاورة لهذه الحجرة . أدعوكم أن تفتحوا الباب لتروا بأنفسكم ما بها من كتب ومراجع عالميةفقال أحدهم ماذا تعني سيدي؟ .. رد عليهم: إن مكتبتي تحتوي على مئات الكتب العلمية المتخصصةوالمراجع والدوريات لأحدث ما وصل إليه العلم في كل جامعات ومعاهد العالم .. أراسلهم ويرسلون لي آخرالنظريات والكتب والمراجع العلمية، فلو جمعتم ما دُفع من مال لشراء مجموعة الكتب الموجودة على رفواحد فى مكتبتي ستجدون أنني دفعت فيها مبلغًا يفوق ثمن السيارة، واستطرد قائلا ..أيهما أفضل لكَكطالب أن أشتري كتابا أقوم بقراءته لأقف على آخر ما توصل إليه العلم ومنه أقوم بتحديث وتطوير المنهجكل عام وأفيدكم  وأعلمكم مما تعلمته ؟ أم أذهب وأعود لبيتي بسيارة بلا أي مجهود وفي راحة تامة ؟ قولوالي أيهما أفضل لكم ؟ فصمت الجميع وكان هذا ختام الأسئلة، وكانت الإجابة حسن الختام. انصرف الطلاببعد أن أخذوا الدرس والمنفعة من أستاذهم، وتعلموا منه حتي حين كان مريضًا ونائمًا على فراش المرض.   

الأستاذ /المتضع
Comments (0)
Add Comment