بقلم د/أماني مرسال
من الأقوال المأثورة بيننا
(الحب يصنع المعجزات )
فهل تلك المقولة مجرد قول متبادل بين المحبين أم أنه حقيقة علمية واقعة …و أنٌى له بصناعة المعجزات في زماننا ؟
إن الحب كان دائماً وأبداً الشاغل الأول لأهل الفن والأدب، لكن تأثيراته العظيمة على الحالة العامة للجسم شغلت أهل العلم أيضاً ، وأجريت دراسات عديدة حول إحساس الحب وما قد ينتج عنها، في محاولة للتعرف على تأثيراته كما يسميها العلماء أو معجزاته كما يصفها الأدباء.
يمنع الاكتئاب
الحب يصنع المعجزات وكذلك يصنع السعادة، فقد تناولت بعض الأبحاث العلمية تأثير مشاعر الحب على الحالة النفسية للإنسان، ووجد الباحثون أن شعور الإنسان بشعور الحب يزيد من معدل إفراز الدماغ لمادة السيروتونين، وهي إحدى المواد المسئولة عن معادلة الحالة المزاجية، وتمنح الشخص شعوراً عميقاً بالاطمئنان والسكينة حتى أنها تسمى بـ”هرمون السعادة”، وجدير بالذكر أن أغلب أدوية مضادات الاكتئاب، تأتي مفعولها من خلال تحفيزها لإفراز نسب أكبر من السيروتونين، وهو الأمر الذي يتحقق بشكل طبيعي عند تملك مشاعر الحب للإنسان، مما يجعلنا نقول أن أولى معجزات الحب هي تحقيقه للسعادة المنشودة، وعمله كمانع للاكتئاب ومضاد للمشاعر السلبية.
طاقة وحيوية
مقولة الحب يصنع المعجزات في الأصل كناية عن أن المحب يمكنه أن يفعل أي شيء، ولكن الأبحاث العلمية مؤخراً قلبت المقولة من مجرد قول مجازي إلى حقيقة جلية، حيث أن الأبحاث النفسية التي تمت مؤخراً حول العلاقة بين المشاعر والقدرات، وجدت أن الطاقة الإنتاجية للإنسان تصل إلى ذروة معدلاتها حين يتحقق شعور السعادة أو الاستمتاع، وكلا الشعورين يتوفرا دائماً حين يكون الإنسان متأثراً بإحساس الحب، حيث ترتفع الروح المعنوية مما ينعكس بشكل إيجابي على الصحة العامة والبدنية، وبالتالي تزداد إنتاجية الفرد ويكون أكثر تفاعلاً مع المثيرات المحيطة به، مما يؤكد أن الحب يصنع المعجزات حقاً وليس قولاً.
محفز للعزيمة
الدخول في علاقة حب هو خروج من حالات الإحباط واليأس ، فالإنسان المحب يؤمن تماماً بأن الحب يصنع المعجزات ،وأن وجود الشريك هو خير داعم ومشجع ودافع للاستمرار، الحب يمحو كلمة المستحيل من قواميس المحبين ، ويجعل كل شيء في الوجود يمكن فعله (بعون الله) ، حيث الشريك دائماً يعمل على تهوين الضغوط وإزالة التوتر والقلق عن الطرف الآخر، وتلك المشاعر السلبية هي أكبر العوائق التي يواجهها أي إنسان خلال مسيرته.
منشط للعقل
دليل آخر على أن الحب يصنع المعجزات ،هو ما توصل إليه فريق بحثي من جامعة أوتاجو بنيوزيلندا، حيث أجروا دراسة حول تأثير مشاعر الحب على العقل والقدرات الفكرية، ووجدوا أن الأشخاص الذين خضعوا للتجارب وهم في ظل علاقات عاطفية مستقرة، كان لديهم قدرة أكبر على التركيز مقارنة بعناصر الجزء الآخر من التجربة، كما أظهروا مهارة أكبر في إجراء العمليات الحسابية والأنشطة المعرفية، ويؤكد الباحثون هنا أن الحب يصنع المعجزات وكذلك يمنع المخاطر النفسية، حيث أن الدراسة نفسها وجدت أن من ينعمون باستقرار العلاقات العاطفية، كانت احتمالات تعرضهم للأزمات النفسية بوجه عام أقل كثيراً عن غيرهم.
التئام الجروح
الحب يصنع المعجزات الجسدية كما يصنعها بالحالة النفسية، هذا ما يؤكده رونالد جلاسر الباحث بجامعة أوهايو الأمريكية، حيث أجرى دراسة حول فوائد الحب الصحية في عام ٢٠٠٥، وخضع للدراسة أكثر من ٤٠ زوج وزوجة، وتلاحظ أن الأزواج المتمتعين بحياة مستقرة هانئة، كانت لديهم قابلية للاستشفاء أسرع من غيرهم والتئمت جراحهم في زمن قياسي، ويفسر جلاسر الأمر ببساطة بقوله أن النوم يساعد على الاستشفاء، وذلك لأنه يوفر للجسم الراحة وحالة الاسترخاء اللازمة لحدوث ذلك، ويؤكد على أن الحديث الودي بين المتحابين لمدة نصف ساعة فقط، يمنح جسم نفس التأثير الذي ينتج عن النوم لمدة ٨ ساعات كاملة