“الثانيةُ عشر ليلًا تكتبُ حُزنًا”

بقلم_ محمد جلال اللقاني
أسود اللون ما بين النبي والظلام، الشعور باللاوجود، والسكون في اللاسكون، الأرواح تتصاعد، الأخطاء تتراكم، والحقيقة واللاحقيقة في محمل الجد هُنا، كُن حذرًا من الأقتراب، راجع خطواتك فلا تتقدم كي لا تسقط في الخطر المتواجد في هذه اللحظات السانحة، لا تصاب بمرض الاهتمام حتى لا تصل لحد الإختناق، واللامبالاة حتى التطبع بها، ما بين روح باهجة وقلب ملائكي خُرجت أنت وخُلقتُ أنا بقلب ماتت نبضاتهِ، وعقل من أعمق نقاط الجحيم، أو كروح أهلكت من فرط عين في جسد متصنع اللاحياة في الحياة الخيالية، تعشق البدايات كطفل في الثانية من عمره يعيش علي أحضان من أتت به لهذه الدنيا.

ضُلل إتجاة نجاتهِ، فتعثر فكان القاع مكانا لتفادي أخطائُه، جنت روحه على عقله فأصاب بنقص في نبضاته فتلعثمت أفكاره وتلاعبت روحانياته، إنه أنا يقظٌ من تلك الليالي المرعبة يوميًا، تحت الشجرة المُنتزعة أوراقها في ديسمبر القارص في برودتهُ، أستفيق من ثمالتي الليلية على أمل بوجود بريق ليوما جديد، الآن أدركتُ أنني لا أفيق شيء في اللاشيء، حتى صرت في القصر اللعين المتحدثون عنه بالمجون.

صديقي العزيز ومُتيمي المُخلص أدركتُ أنك في هذه المرحلة من الحياة تُعاني جدًا، كما لو أنك تواسي شخصًا كُنت تظُن أنه لن يمُت، أو تواسي تلك الأهالي عمن رحل عن سمائهُم، أو أن السبيل للرجوع إلى الماضي أصبح أمرًا يستحيل حدوثهُ، بقلوبُ مؤمنة أُنعي جسدي المُتألم بكُل الحُزن والامتنان لهذا الصمود المتتالي من داخلي، أشعر بالإختناق كما المُتألم قبل الإحتراق مع تجسُد الواقع المُخيف، الأمر أصبح سيد الموقف، وأن القلوب التي لا تعرف أن تُسامح هي أيضًا متبلدة، مُميتة من كثرة ما تعرضت لهُ في تلك السنوات المريرة.

إنني الآن تائه في طريق الحُزن، لا أعرفُ كيف التحرر من هذه الآلام، فكُل شيء في الحياة أصبح في التو حزين، وعلى كلمة الحُزن ستعزفُ أنت لحنًا حزينًا للأمر الهين الذي يتوالى مع تقدم السن بكَ، حتى أنني لا يُمكنني إنكار وقع الكلمات الحزينة على قلبي، وكلما زادت هذه الكلمات كُلما زاد ثُقل طربُها على روحي، لكنني لم أقُم بإظهار مدى مُعاناتي رغم أنني وعيتُ بأنهُ قد تهدم الكثير ومازال قلبي يقاوم حتى كاد أن يُصيب بوقف نبضاتهِ، يتعثر أحيانًا، وتتلعثم أفكاره من كثرة الحديث أحايينًا آخرى، يصمُت قلبي ليندفع بقهقهته المُزعجة بسخرية رغم إستشعاري بالاختناق كغريق قد مُلأ جوفهُ بالماء كاملًا، وكأنه حزينًا كُل الحُزن لنجاته مرة آخرى.

السلامُ على هاتين العينين الجميلتين، أما بعد: فإن الحُروف مُغرمة بالتفاصيل، والكلماتُ مُغرمة عما توصِفهُ الروح، وفي أحد الزوايا الديجورية، أرسُم ما تبقى من شظايا الذاكرة الحزينة المُترنمة جوانِبُها، وفي ليالي ديسمبر القارص في برودتهُ، أُمارس لُغة الحُب الخاصة بالاشتياق، كنوع من الطيور المُهاجرة، تعود لها روحها في وطنها المُستمدة منهُ قوتِها، كشوق الأرض لقطرات المطر التي تُداعِبُها وتحيي جفاف أرضها المُميتة، لقد بات الحرمانُ يُدقدق أبوابي، مُتهم قلبي بالحُزن الزائد على كُلي، ليلًا يبقى الألم، ونهارًا يتحرى الجسد مِن أفكارِه المُميتة، كإنسانُ يُحاول الثباتَ لكنهُ مُعلت هزيمتهُ.

"الثانيةُ عشر ليلًا تكتبُ حُزنًا"
Comments (0)
Add Comment