العلاج النفسي والمشكلات التي تواجهه

كتبت/ سالي جابر

‏ظهر في مجتمعنا أشكال عديدة من الأمراض النفسية التي جسدتها المسلسلات المصرية، والتي تناولتها العديد من المقالات ولكن بشكل خاطيء، مما دفع الكثير بالخوف من تلك الأمراض والنظر إليها وكأنها وصمة عار، وأيضًا يظهر المعالج النفسي بصورة سيئة، فإن تلك المهنة لها أخلاقيات لابد من العمل إزائها.
ومما يثير الغضب أكثر أن البعض يشخص تلك الأمراض بصورة سطحية لمجرد ظهور مجموعة من الأعراض على الشخص، فإن العلاج النفسي مثله هنا كمثل العلاج الجسدي، نسأل المريض عما يعاني، ومن خلال تلك الأعراض نحدد المرض، ولكن للتأكد منه فلابد من عمل بعض الاختبارات والمقاييس للتأكد من صدق كلامنا.
وفي هذا المقال سوف نتحدث عن ماهية العلاج النفسي، ودور المسلسلات تجاهه، وأخلاقيات تلك المهنة.

العلاج النفسي يخضع إلى قوانين ودراسات وأبحاث، ولدينا أطباء نفسيين بارعين، ونخص بالذكر ” سيجموند فرويد” الأب الروحي للتحليل النفسي، مؤسسه وهو أول من تحدث عن فكرة التداعي الحر، والعلاجات النفسية متعددة؛ هناك علاج نفسي يتعامل مع الأعراض المرضية ويعمل على إزالتها، وهناك علاج يتعامل مع المنظومة المعرفية السلوكية يحاول تعديلها، وآخر يقدم الدعم النفسي ويهتم بتقوية دفاعات المريض، وهناك علاج هدفه تفكيك البناء النفسي للمرض بأكمله وإعادة تكوينه من جديد، العلاج النفسي ليس حوارً قائم بين شخصين، أحدهما يحكي والآخر يستمع؛ بينما هي علاقة مهنية تخضع لقوانين، وتبدأ بإقامة علاقة وروابط قوية بين المعالج والمريض حتى يستطيع أن يحكي ما بداخله دون أن يقاطعه أحد بإيجابية سامة، أو يقف له دور القاضي، أو المحقق، أو الواعظ الديني، مما يجعله يتخوف من العلاج، وهذا للأسف ما أظهرته شاشات التليفزيون
كما أن للمسلسلات المصرية دور إيجابي في رفع الوعي النفسي للمشاهدين، فإن لها دور سلبي أيضًا يتجسد في المبالغة الشديدة التي تسبب الأذى النفسي لمشاهديها خاصة من الأطفال والمراهقين الأكثر عرضة للاكتئاب، وهناك بعض المسلسلات التي سقطت في الكثير من الأخطاء العلمية حول طبيعة المرض النفسي وأعراضه؛ حيث قامت المريضة- في المسلسل- بأفعال غريبة لا تمت للمرض النفسي بصلة، يفهم ذلك أهل التخصص جيدًا، وتعكس أسطورة مخيفة عن المصحة النفسية ودور المعالج النفسي، والطبيب النفسي؛ نجد الطبيب النفسي الذي يعطي لمريضه جرعة زائدة من العلاج ليؤثر على أعصابه، أو وضع الشحنات الكهربائية التي تنقل للمشاهد أن المريض النفسي يقع تحت وطأة التعذيب وليس العلاج، أو المعالج النفسي الذي يهدد مريضه بإفشاء أسراره، ويقوم بالتسجيل دون إذن مسبق منه، وتنقل صورة سلبية مخيفة للمشاهد مما يجعل المرض النفسي وصمة عار، ويبتعد الجميع عن مرضاه.
ويبالغ الكُتاب والمخرجين في أداء المريض كسبًا لتعاطف المشاهدين، ومن هذا المنطلق لابد من إتقان الدور جيدًا من خلال أداء الدور تحت إشراف مختص نفسي، وذلك حتى لا يصبح المشاهد ضحية السيكودراما.

وهناك العديد من الضوابط الأخلاقية للعلاج النفسي تضمن للمريض سلامته والتي أهمها:
• الإحسان وعدم الإساءة؛ أسمع للمريض دون التحيز له، أو الآخذ عليه، فكلنا يُخطيء، وهو ما أتى إلا لحاجته للمساعدة

• ‏احترام ضعف المريض: المريض يبدأ في سرد مشكلته ومعاناته وهو خائف، وكثيرًا ما يقف عند نقطة معينة تسمى في علم النفس(Dark Boint المنطقة المظلم ) التي لا يود أن يتحدث فيها؛ ربما لإن بها شيء لا يود أن يعرفه عنه احد، ولكن يكمن الخلاص هنا في تلك النقطة، وهذا الضعف قد يكون وسيلة تهديد من قِبل المعالج، أو إجباره على فعل شيء ما، أو ربما معالج لا يحترم ضعف الأنثى ويحاول الدخول معها في علاقة غير شرعية…

• احترام خصوصية المرضى؛ بألا نحكى عن تجاربهم ومشكلاتهم، وإذا لزم الأمر ممكن بأن يكون دون ذكر أسماء والدخول في تفاصيل الحالة، وذلك للتعلم منها.

• ‏عدم إقحام المريض في تجارب نفسيةون موافقتهم، فكل خطوة في العلاج لابد فيها من موافقة المريض.

تزداد كفاءة الجلسات النفسية كلما زادت الثقة بين المعالج والمريض، علاقة مهنية تتضمن الاحترام والتقدير.

العلاج النفسي والمشكلات التي تواجهه
Comments (0)
Add Comment