بقلم / نيرة رزق
يستيقظ صباحاً وهو يشعر بالألم المعتاد في رأسه، الألم الذي لا يفارقه منذ مدة ليست قليلة، يعاني من أرق شديد؛ لا يستطيع النوم لأكثر من ثلاث ساعات ولا يستطيع الاستيقاظ لأكثر من ست ساعات، تمر أيامه هكذا في حالة من التخبط والتعب العقلي والجسدي، يركب الحافلة ويفتح الهاتف ويجد الأخبار تتهافت إليه، رأى صديقه من الجامعة قد تزوج وصديقه من الابتدائية قد أنجب طفله الأول وصديقته تمت خطبتها وذلك الصديق الذي تعرف إليه في العمل قد أصبح يعمل في شركة كبيرة، ينظر إليهم ويرجع برأسه إلى الوراء وهو يفكر متسائلاً: السؤال الذي طالما أرقه وعذبه وأشعره أن حياته بلا قيمة:
هل أنا الوحيد الذي ستنقضي حياتي في البحث عن كل شيء ولا أحصل على أي شيء في المقابل؟
ما أن وصل إلى عمله حتى بدأ في عد الساعات والدقائق المتبقية له حتي يغادر، فهي وظيفة مؤقتة بالنسبة له كسائر الوظائف التي عمل بها من قبل، فهو يشعر بالعجز وقلة الحيلة، أصبح يبلغ من العمر ثلاثون عامًا ومازال يبحث عن ذاته، لم يستطع حتى هذا الوقت أن يجد عملاً يفتخر به ولا حبيبة تتقبله وتكون إلى جانبه دائمًا ويقوم ببناء أسرة معها، ولم يستطع حتى التأقلم مع أسرته، يسيران في خطين متوازيين لا يلتقيان أبدًا، ينتهي من عمله ويعود لتلك الحافلة مرة أخرى ويمسك بالهاتف وينظر لقائمة الأسماء المسجلة لديه ويتنقل بينهم ويبحث بينهم رغم معرفته بهم عن ظهر قلب، لكنه لا يستطيع أن يجد شخصًا واحدًا يستطيع الاتصال به ليتحدث إليه لمجرد الحديث، لم يكن يبحث عن شيء ولا يريد السؤال عن شيء، فقط يريد أن يتحدث إلى أحدهم، يريد أن يشارك أحدهم تفاصيل يومه الممل، ويشاركه أحدهم تفاصيل يومه، يريد أن يضحك مع أحدهم وهو يقص عليه مزحة سيئة أو موقف محرج تعرض له، يبتسم في مرارة وهو يمر بنظره بين تلك القائمة مرارًا وتكرارًا دون فائدة؛ ثم يستقر على اسم ما فيتردد ويشعر أنه سوف يكون غريب الأطوار إذا اتصل هكذا دون سبب، أغلق الهاتف في يأس وعاد برأسه للوراء وهو يغمض عينيه حتى وصل إلى منزله وذهب مسرعًا إلى صديقه الوحيد “النوم”.
رئيس مجلس إدارة جريدة القاهرية