بقلم/ سالي جابر
على متن طائرة الحب، في ساحة الركاب سمعت رقم طائرتها المغادرة من ذاك القلب، اتجهت مسرعًا إلى مكانها المحدد حسب تذكرة العشق؛ وأغمضت عينها، وسمعت صوت المحركات تنطلق، والمكبر ينطق: “اربطوا الأحزمة”.
خلعت على أعتاب الطائرة خوفها المنتظر إلى حين الهبوط من هذه الرحلة؛ لكنه كان هبوطًا اضطراريًا، وهنا كان الخطأ الذي لم تفكر به، ظنًا منها أن الحب قائم مهما تعددت المطارات؛ لكن هذا الخوف المفخخ جعلها أول الضحايا.
نظرت من شباك الطائرة فوجدت سحب كثيفة بيضاء، كبياض قلبها، أغمضت جفونها على ذكرى من سنين لطفلة جميلة كانت في مثل مكانها تحمل عبء انتظار الحلوى، وعربة الآيس كريم، وفجأة التقاء هواء ساخن بآخر بارد، وهزة طفيفة للطائرة أيقظت قلبها التائه، فـ كتبت في مذكراتها” لعلها ذكرى خير لرحلتي الوحيدة بقلبي المنكسر”
من أيقظ الخوف داخلها؟
الحب الذي فقدته وقررت الهرب منه على متن الطائرة، أم الفقد الذي عاشته مع حبيبها الأول، مدللها الأوحد( والدها) ، أم الألم الذي واقعته وأقنعها بأن الحياة زائلة؟!
هبطت الطائرة أدراجها بعد وقع ساعات من الألم والخوف، والترقب، والانتظار لقلبها، كانت تلتقط أنفاسها بشدة، تتنفس الصعداء، ظنًا منها أنها هربت من أحلامها إلا أنها وجدت نفسها شريدة غريبة وحيدة على أرض لم تعرف فيها أحد.
وكيف لهذا القلب المنطفيء أن يتعرف على أحد؟!
باتت الأحلام مؤنسها، والسرير ملجأها، والخوف قرينها، استجابت للحظات الضعف، فأصبحت هزيلة الفكر، لا تخشى الوحدة إنما تهاب ضعفها.
قررت الهروب؛ لكن هذه المرة ليس بمغادرة قلب أحبته، أو وطن ظنت أنه ملجأها؛ إنما تهرب من نفسها بالتقاط أقراص المنوم لتغفى عن الحقيقة، وكلما أستيقظت، هربت به إليه.
متى أدركت أن الهروب ملاذ، علمت أن المواجهة فرض.