رانيا ضيف تكتب إليكِ عزيزتي

عزيزتى،
بعد التحية والسلام
علمت دوما أن الكلمات الصادقة تصل إلى أصحابها بطريقة أو بأخرى، ما صدق فيه القلب لا مجال له إلا أن يصل حيث أراد القلب والوجدان.
نحن موصولون ببعضنا البعض بمجالات طاقية لا انفصال، وعبر هذه الوحدة وصلتني رسالتك التى ظننتِ أنني لن أقرأها، وكذلك بهذه الرسالة أرد ولكنني أعلم أنها ستصلك ..
يا عزيزتي، كدأب معظم الناس لا نرى وقت الغضب والصدمة الحقائق واضحة جلية، بل نرى ما تريد أنفسنا أن تراه .
حجاب النفس أقوى مما نتخيل، فهي مراوغة
عندما نتلقى صدمة لا ننظر سوى بدواخلنا، نقترب من أماكن الألم، ونصوب الاتهامات، ونصب اللعنات على من نظن أنه تسبب فيها .
لا نقف برهة لنعي إن كان ما أصابنا نتيجة لأفعالنا وسوء تعاملنا مع الآخرين، أو حتى لارتفاع سقف توقعاتنا !
نفعل ذلك لنخفف وقع الصدمة فلا مجال أن ندين أنفسنا ونحن فى معركة مباغتة مع الألم..
ولكن المنصف منا من يبدل الأدوار فى وقت لاحق؛ فيرى بعين الآخر ويتقمص شخصيته، ليرى من أى الزوايا كانت المواقف .
يا عزيزتي بدلي زاوية الرؤية بأخرى والتمسي عذرا من السبعين قبل إطلاق الأحكام.
واعلمي أن من وقر الله فى قلبه لا تبدله المواقف ولا الأيام، وقادرا على رؤية النور خلف السحب،
فهو ربما يتخبط أو لا يسيطر على غضبه كسائر البشر فى لحظة ما، ولكن يظل الكريم كريما، والوفى وفيا لا يتبدل قلبه .
صدقي قلبك دوما حتى وإن كانت الشواهد عكس ما يقول، فهو إن اتصل بخالقه حتما سيكون إحساسه صادقا ولن يخون.
ربما يلجأ البعض منا للابتعاد وقت المشاحنات، حتى لا يُسدل ستار النهاية، وربما كان الابتعاد فاصلا للحفاظ علىّ ما بقى من الود دون أن تنال منه يد الكرامة والكبرياء بأذى فينصلح الأمر ذات يوم .
علينا أن نعرف أنفسنا جيدا يا عزيزتي ونصدق معها، فنراقب الأماكن المظلمة داخلنا حتى نكون عادلين مع غيرنا قدر المستطاع .
ذكرني موقفنا بكلمات كارل يونج حين قال:
“الصدق مع النفس، في البداية، هو التَعرّف على ظلّ المرء. الظّل عبارة عن ممر ضيق، باب ضيق، لا ينجو أحد من انقباضه المؤلم ويصل بنا إلى بئر عميقة. لكن يجب على المرء أن يتعلم كيف يعرف ظله حتى يعرف من هو”.
“معرفة الظلام الخاص بكَ هو أفضل طريقة للتعامل مع ظلام الآخرين .” كارل يونج
إذًا كيف نلقى بالاتهامات والأحكام على الآخرين إن كنّا غير قادرين على معرفة أنفسنا ؟!
تؤثر علينا المواقف ولكن هل نترفع عن الدنايا؟ هل نري بعين الحقيقة أم نري انعكاس ظلام أنفسنا ؟
لست هنا بصدد إسداء النصائح والتوجيهات ولكنني أُعلمك بما أفعله مع ذاتي لتثقي أنني أبدا ما ظلمتك .
ربما اختلفت الطرق، وتاهت منا الوعود، لكن للذكريات حق، ورسالتي هذه حق للود الذي كان ومر، كان قرارنا ألا نلتقي مجددا لكن من يدري ربما للزمن رأي آخر .

رانيا ضيف تكتب إليكِ عزيزتى
Comments (0)
Add Comment