نماذج لا تنسي… الذكري الأولي لوفاة طبيب الغلابة.
✍️الغربية:أحمد عتلم.
كان نموذج يحتذي به ضرب أروع الأمثلة في العمل الخيري والالتزام بأخلاقيات المهنة التي لطالما ضرب الكثير بها عرض الحائط طمعا في المال.
فقد كان الطبيب الزاهد الذي قضي حياته في خدمة المرضي من الفقراء العاجزين عن تحمل تكاليف العلاج لم يكترث أبدا لمغريات مادية أو هجوم غيره من الأطباء من أصحاب الأطماع المالية
وها نحن اليوم الأربعاء نعاصر الذكرى السنوية الأولى لوفاة، الدكتور محمد مشالي، الملقب بطبيب الغلابة، بعد رحلة عطاء وإنسانية، استمرت ما يقرب من 50 عاما، قدم فيها خدماته الطبية للغلابة وأبناء الطبقات الفقيرة، حيث كان سعر الكشف في عياداته 10 جنيهات فقط. ويعد مشالي من أشهر الأطباء في جمهورية مصر العربية، نظرا لما يبذله من جهود إنسانية للفقراء والمرضى، خاصة بعدما خصص عيادته للكشف عليهم بمبالغ بسيطة وبالمجان في بعض الأحيان، وذلك تنفيذا لوصية والده.
ولد الدكتور محمد مشالي في محافظة البحيرة في عام 1944 لأب يعمل مدرسا، وانتقل بعدها والده إلى محافظة الغربية وانتقل معه، واستقر مع أسرته هناك وتخرج في كلية الطب قصر العيني في القاهرة 5 يونيو 1967، وتخصص في الأمراض الباطنة وأمراض الأطفال والحميات؛ ليعمل في عدد من المراكز والوحدات الطبية بالأرياف التابعة لوزارة الصحة المصرية في محافظات مختلفة.
وفي عام 1975 افتتح عيادته الخاصة في طنطا، وتكفل برعاية إخوته وأبناء أخيه الذي توفي مبكرا وتركهم له ولذلك تأخر في الزواج ولديه 3 أولاد تخرجوا جميعًا من كلية الهندسة وظل لسنوات طويلة يخصص قيمة كشفه الطبي في عيادته لا تزيد عن 5 جنيهات، وزادت أخيرا لتصل إلى 10 جنيهات وكثيرا ما يرفض تقاضي قيمة الكشف من المرضى الفقراء بل ويشتري لهم العلاج في كثير من الأحيان.
وكان مشالي يبدأ يومه بالاستيقاظ في السابعة والنصف صباحا ثم يتوجه لعيادته، ويظل بها حتى أذان المغرب ثم يعود لمنزله، ثم يتوجه للعيادتين الأخريين بقريتين مجاورتين، وهما “الرجدية وشبشير الحصة”، لتوقيع الكشف الطبي على أبناء القريتين، بأسعار رمزية تقديرا لمعاناة الفقراء من أهالينا الفلاحين وتخفيفا عنهم، ثم يعود للمنزل مرة أخرى.
وكان “طبيب الغلابة”، شخصية بسيطة لا يحب البروبجاندا الإعلامية، وكان يقول “أفضل أن أكون جنديا مجهولا لخدمة المريض الفقير”. كما رفض مشالي كل المبادرات الشعبية بمدينة طنطا التي طالبت بوضع اسمه على أحد الشوارع، قائلا: “أنا أقل الناس وليس من طموحاتي هذه الأفعال”.