الخلافة الراشدة ” الجزء العاشر “

 

إعداد/ محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء العاشر مع الخلافة الراشدة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم، قد أمر بالشورى فيما لا نص فيه، وكان يتخذ من أهل الرأي والبصيرة مجلسا للشورى، وكان يكثر من مشاورة الصحابة وبالأخص كبارهم السباقين إلى الإسلام، وبالمقابل يرى علماء الشيعة أن مسألة اختيار خليفة للمسلمين كانت محسومة بنص قرآنى وبعدد من الأحاديث النبوية، وأنها كلها تشير إلى أحقية آل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم بالخلافة وفي مقدمتهم الإمام على بن أبي طالب، ومن ذلك كما جاء فى سورة المائدة ” إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون” حيث ذهب المفسرون والعلماء إلى أنها نزلت في حق الإمام علي بن أبى طالب. 

 

حينما تصدق بخاتمه في أثناء الصلاة وقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم للإمام على بن أبى طالب ” أما ترضى أن تكون منى بمنزلة هارون من موسى” وقوله صلى الله عليه وسلم أيضا ” على ولى كل مؤمن بعدى” وفي جميع الأحوال فإن ما جرى بعد ذلك كان اجتماع الأنصار في سقيفة بني ساعدة لاختيار خليفة للنبى صلى الله عليه وسلم وقد تمت الدعوة للاجتماع على عجل دون إعلام المهاجرين بسبب عدة عوامل لعل أبرزها هو أن أهل المدينة كانوا يرون أنهم أحق بالخلافة لأنهم أول من ناصر النبي صلى الله عليه وسلم واستقبلوه مع أصحابه المهاجرين وجاهدوا معه في سبيل الله، واتفق الأنصار على مبايعة سعد بن عبادة الخزرجى. 

 

فأجلسوه وعصبوه بعصابة وثنوا له وسادة، وبالمقابل كان المهاجرون آنذاك أكثر بعدا عن هذا المناخ السياسي، بعضهم قد شغل بوفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهازه ودفنه، وبعضهم ما تزال الصدمة تملأ نفسه، وبعضهم لم يفكر في اختيار خليفة معتقدا أن هذا الأمر هو آخر ما يقع الاختلاف فيه، وهم على يقين أن ما من طائفة من المسلمين سوف تنازعهم في هذا الأمر، ولما بلغ خبر اجتماع السقيفة أبا بكر الصديق وعمر بن الخطاب بعد ليلة الاثنين يوم وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، مضيا إلى هناك مسرعين بفعل أهمية وخطر الموضوع المطروح من مشكلة الحُكم، وانطلق معهما أبو عبيدة بن الجراح ودخلوا سقيفة بني ساعدة.

 

حيث شق أبو بكر طريقه إلى صدر الاجتماع، وألقى خطبة في المجتمعين بيَّن فيها وجهة نظر المهاجرين عامة من قضية اختيار خليفة للنبى صلى الله عليه وسلم، فجرت مناقشة هادئة انتهت إلى القول بالثنائية في الحكم “منا أمير ومنكم أمير” وكان صاحب هذه النظرية هو الحباب بن المنذر، لكن أبا بكر ومن معه كانوا يفضلون وحدة الأمة التي أسسها النبي صلى الله عليه وسلم، وحدد أبو بكر الأولوية بالأقدمية في حياة الإسلام، وبالعذاب في سبيل العقيدة والإيمان دون أن يغمط حق الأنصار من التكريم ودون التغافل عن مزاياهم، فتطورت المواقف المتباينة التي عرضت في الاجتماع نحو التأزم، ولم تنفرج إلا بعد أن أيد بشير بن سعد بن النعمان الأنصارى. 

 

موقف المهاجرين، فتحرك أبو بكر في تلك اللحظة مستغلا تحول الموقف لصالح المهاجرين وبعد أن رأى أن الفرصة سانحة لإقفال باب المناقشة، فدعا المجتمعين إلى مبايعة عمر بن الخطاب أو أبي عبيدة بن الجراح، لكن عمر أبى إلا أن يتولاها أبو بكر الصديق، فقال أن لا أحد أحق بالخلافة من أفضل المهاجرين وثاني اثنين إذ هما في الغار، فطلب منه أن يبسط يده ليبايعه، فسبقه بشير بن سعد وأسيد بن حضير، ثم أقبل الأوس والخزرج على مبايعته باستثناء سعد بن عبادة بسبب حراجة وضعه كزعيم رشحته الخزرج، وصحة جسمه حيث كان عليل، وفي صبيحة يوم الثلاثاء الثالث عشر من شهر ربيع الأول فى السنة الحادية عشر من الهجرة النبوية الشريفة.

الخلافة الراشدة " الجزء العاشر "
Comments (1)
Add Comment