عيد الأب

سهام_سمير

‎ليس لأنه عيد الأب، ولكن لأني أصبحت أبحث عن
‎أي مناسبة أتحدث فيها عنك.

‎الحديث عنك وأنت غائب يمنحني فرصة لأعيد تكوين صورة جديدة عنك؛ صورة تقترب منك ويمنحك فرصة للاستمتاع بهدوء الحياة الذى طالما تقت إليه وتمنيته.

‎الغريب أنك عشت حياة صاخبة تضج بالحياة والأغنيات والسفر والترحال والسهر والأماني المستحيلة، وعندما رحلت، مشيت بهدوء وأنت نائم، كالعادة آمن أنت ومطمئن للدنيا ولا تحسب لها ولا تحاسبها.
‎أعتقد أنك أخذت غفوة لكن القدر أبى إلا أن يمدها ويجعلها طويلة، بطول مسافة فراق موجع.. وطريق وعر وليالٍ مُسهِدة..

‎المهم أني اعتدت أن أوجه كلمات الشكر لك، لكني أعي الأن أنك أكثر احتياجًا للدعاء، والأولى بالشكر الأحياء.

‎شيء أخر أود قوله لك الأن، غير متأكدة يصل أو لا.. اعتذار، أعتذر كوني لم أفهم حبك للحياة إلا بعد رحيلك عنها، ولم أثمن مشوارك إلا بعدما سرت فيه، ولم أكتسب مهارة قراءة البشر إلا بعد وفاتك.. كأن حياتك كانت تمنع عنا العين الحقودة والمكر وأهله، وكأننا تولينا أمورنا بعدما كنت أنت ولي الأمر، التعبير الذي طالما اقترن بالتهديد أو الرسائل شديدة اللهجة، اليوم أصبح حلمًا بعيد المنال..

‎يقولون يا أبي: إننا نكبر بموت آبائنا، أظنهم يعنون أننا نشيخ وننحني، ونجرب الوحدة

‎سمعت حوارًا لممثلة شابة ابنة ممثل شهير ملء السمع والبصر، كانت تقول فيه:

‎أنه حين يتجني عليها أحد تقول له: كيف تجرؤ! أنا بنت فلان الفلاني، ليس كما نفهم من العبارة أنها تتباهى أو تخوف من يهددها لكني أفهم تمامًا ما تقصده!

‎نحن نتقدم أبائنا بأسمائنا فقط، لكننا نحيا ببركتهم،
‎عندما نأتي للحياة، يتأخرون طواعية عنا خطوة، ويتوارون للظل بقية العمر.

‎لا زلت أذكر نظرتك بفرحة وأنت تُقدمنا لأصحابك، ابني وبنتى.. وحين نتجادل تنعتنى بالفيلسوفة.
‎إن كان لكلامي صدى الأن، لقد تعرفت على الحياة من نظرتك البسيطة لها ولكل الأمور، من حبك للسير على هوامش الحكايات دون الغوص في التفاصيل المهلكة.
كل عام وكل أب بخير، ربنا يبارك في عمر الأحياء منهم، ولأبي ولكل من فارق حياتنا، عيدكم في الجنة أحلى.

Comments (0)
Add Comment