بقلم د/ حنان عبد القادر محمد
يُعَدّ التفكير مُكَوَّنًا من اَلْمُكَوِّنَات الأساسية في نجاح اَلْمُتَعَلِّم، فهو يُسَاعِدهُ على إدارة أُمُور حياته بطريقة صحيحة، وعلي تخطى العقبات وحل اَلْمُشْكِلَات كما يُسَاعِدهُ أيضاً على تطوير مُجْتَمَعه وتقدمه. فاكتساب مهارات التفكير الإيجابي هو بِمثابة إمداده بالأدوات التي يحتاجها في عصر ملئ بالتغيرات السريعة وَالْمُتَلَاحِقَة، مما يُمْكِنهُ من التعامل بفاعلية مع أي نُوِّعَ من اَلْمُتَغَيِّرَات في اَلْمُسْتَقْبَل ومن مُعَالَجَة المعلومات التي يحصل عليها مُعَالَجَة صحيحة، وَيُعْتَبَر التفكير الإيجابي أحد أهم المهارات التي يستطيع من خلالها اَلتَّغَلُّب على اَلْعَوَائِق التي تُوَاجِههُ في حياته وأثناء سعية لتحقيق أهدافه، كما أنه يُسْهِم في تعديل اتجاهه إلى الإيجابية وَيُحَسِّن من قُدُرَاته المعرفية وَيُكْسِبهُ اَلْقُدْرَة على أداء المهام بِكفاءة وفَاعلية.
فَالتَّقَدُّم اَلْفِكْرِيّ هُوَ حَصِيلَة لإعمال العَقل وَالتَّنُّور بما يُؤَدِّي إلى الإبداع والابتكار وَحُسْن التدبير، إذ لم يَعُدْ دور اَلْمُتَعَلِّم في هذا العصر مُنْحَصِرًا على التكيف مع الواقع، وإنما يتعداه إلى ضرورة تغيير هذا الواقع بما يتناسب مع تَطَلُّعَاته اللامحدودة. والتفكير الإيجابي لا يعني مُحَاوَلَة تزييف الحقائق وتجاهل مواقف الحياة الأقل مُتْعَة. ولكن أن تتعامل مع المواقف اَلْمُزْعِجَة بِطريقة أكثر إيجابية وإنتاجية وأن تبتعد عن كُلّ ساء، وتَعتقِد أن الأفضل سيحدث وليس الأسوأ. حيث إنه يُسَاعِد على بِناء قناعات وَمُعْتَقَدَات راسخة تُمَكِّن اَلْمُتَعَلِّم من النجاح في حل اَلْمُشْكِلَات فهو يُسَاعِد اَلْمُتَعَلِّم على التركيز على جوانب النجاح في اَلْمُشْكِلَة بدلاً من التركيز على جوانب الفشل فيها.
وتَتَحدد مهارات التفكير الإيجابي في ثَلاث مهارات رئيسية الأولى؛ مهارات حديث الذات الإيجابي وهو حوار يُجْرِيه اَلْمُتَعَلِّم بينة وبين نفسه يَظْهَر في أشكال مُعِينَة من اَلسُّلُوك مِثل المحاولة من أجل النجاح والتواصل الجيد مع الآخرين وَالْقُدْرَة على مُوَاجَهَة اَلْمُشْكِلَات التي تَعْتَرِضهُ بكفاءة.
الثانية؛ مهارات اَلتَّخَيُّل وَيَقْصِد بها في الدراسة قُدْرَة اَلْمُتَعَلِّم على استدعاء صورة ذهنية تَدعم محاولاته من أجل النجاح وتواصله مع الآخرين وتزيد من قُدْرَته على حل اَلْمُشْكِلَات.
الثالثة؛ مهارة التوقع الإيجابي وهي أن يُعَبِّر اَلْمُتَعَلِّم عن توقعه في تحقيق النجاح أثناء أداء المهام اَلْمُوكَلَة ألية وَيُعَبِّر عن توقع الأفضل أثناء تعامله مع الآخرين والمواقف اَلْمُخْتَلِفَة.
وفي ظل اَلْمُتَغَيِّرَات التي حَدثت في اَلتَّعْلِيم ومؤسساته يُعَلِّق كثير من العَاملين في مجال تِكْنُولُوجْيَا التعليم آمالاً واسعة على الدور الذي يُمْكِن أن تلعبه تِكْنُولُوجْيَا التعليم إذا ما أُحْسِن استخدمها وتوظيفها بشكل جيد ومناسب في العملية التعليمية باعتبار أنها تدخل في جميع المجالات التربوية من أجهزة وأدوات ومواد ومواقف تعليمية وإستراتيجية والتقييم اَلْمُسْتَمِرّ والتغذية الراجعة، ودور اَلْمُعَلِّم في عهد تِكْنُولُوجْيَا التعليم، وَالْمُشَارَكَة الفعالة من قِبل اَلْمُتَعَلِّم مما يُؤَدِّي إلى التطور الفعال والزيادة الملحوظة في مهارات التفكير الإيجابي، فمما لا شك فيه أن اَلتَّقَدُّم العلمي وَالتِّكْنُولُوجِيّ هو رهن بالتقدم الفِكري وليس المعرفي وحده.
لذلك أصبح الاتجاه نحو تَطويع اَلْمُسْتَحْدَثَات اَلتِّكْنُولُوجِيَّة بما لها من أثر على اَلْمُتَعَلِّم في تنمية مهارات التفكير الإيجابي لديه. فالتفكير الإيجابي مهارات قابلة للتعلم من خلالها لما لها من أثر في تعلم اَلْمُتَعَلِّم بمعنى أنه غاية يُمْكِن بلوغها بالتدريب والمران وَالْمُمَارَسَة وذلك من خِلال بِناء أنساق وعادات عقلية تُسَاعِد اَلْمُتَعَلِّم على الوصول إلى حل المشكلات. وَيُولَد الثقة في اَلْقُدُرَات ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بالابتكار والاستبصار. وَيُمْكِن اَلْمُتَعَلِّم من مُرَاقَبَة أفكاره وَمُعْتَقَدَاته وتقييمها بهدف التخلص من الأفكار السلبية الهدامة والبعد عنها. وَيُسَاعِدهُ على أن يكون أكثر تَفَاءَلَا بامتلاك مُعْتَقَدَات وقناعات ذات طابع تفاؤلي تتوقع النجاح للذات والآخرين وللخبرات اَلْمُسْتَقْبَلِيَّة. كما يعتمد على استخدام التأكيدات الإيجابية.
وَيُعَدّ اَلْمُتَعَلِّمِينَ هم الثروة البشرية الحقيقية للشعوب وأملها في مُسْتَقْبَل أفضل لذلك تُوَلَّى اَلْمُجْتَمَعَات وخاصة اَلْمُتَقَدِّمَة منها اَلْمُتَعَلِّمِينَ في مراحل التعليم اَلْمُخْتَلِفَة كل الاهتمام والرعاية وبخاصة تنمية تفكيرهم وَقُدُرَاتهمْ العقلية حيث أصبح الاهتمام بالطلاب وتفكيرهم يُمَثِّل حتمية حضارية تفرضها التحديات اَلْمُسْتَقْبَلِيَّة تحقيقاً لرفاهية اَلْمُجْتَمَع وتقدمه وحلاً لِمُشْكِلَاتِهِ اَلْمُتَعَدِّدَة وضماناً لازدهاره العِلمي.
فثورة المعرفة وتفجرها يُحَتِّم على الأنظمة التعليمية التركيز على كيفية التعلم والتفكير بدلاً من تعليم المعرفة نفسها، فتسليح اَلْمُتَعَلِّم بكيفية الوصول إلى المعرفة، ومهارات التعامل معها في ظل ثورة الاتصالات يجب أن يقودنا إلى ضرورة استبدال المناهج التقليدية التلقينية التي تسعى لتكريس الواقع وبما يتناسب وطموحات اَلْمُتَعَلِّم، وأصبح لزاماً على التربويين بأن يَعوا الدور الكبير للمناهج واستخدام اَلْمُسْتَحْدَثَات اَلتِّكْنُولُوجِيَّة التعليمية في تنمية التفكير عند المتعلمين.
وجَميع ما سبق لا يُمْكِن أن يحدث الا بالارتِقاء بمهارات اَلْمُعَلِّم، ووضعه المادي وَالنَّفْسِيّ، وتنميته من الناحية المهنية بالشكل الذي يُحَقِّق مُسَايَرَته للمناهج الحديثة ودور التكنولوجيا والتي تَحتاج تَكثيف لِلْجُهُودِ لزيادة ثقافة استخدامها وأنها عَامل مُسَاعِد في التعَلم وَالتَّفْكِير لِلْمُعَلِّمِ وَالْمُتَعَلِّم. . وللحديث بقية, ,