بقلم _ الأستاذ الدكتور عادل خلف عبدالعزيز أستاذ الفلسفة الإسلامية ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان .
دون أدنى شك أنني أؤمن بالقرآن الكريم كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، نؤمن بمحكمه ونؤيد متشابهه .
وأنه كتاب الله المنزل نزل به الروح الأمين علي قلب وفؤاد وعقل المعصوم صلى الله عليه وسلم ، ومن ثم فالايمان به واجب حتي لا يزايد علينا المزايدون .
وأننا من أنصار الفلسفة -عاشق الفلسفة الإسلامية -وأن الفلسفة تقود الي التيه والضلال وهذا محض افتراء على الفلسفة فالفكر الفلسفي ،استنارة للعقول ولين للعقول المتحجرة عن طريق فكر عقلي يركن إلي العقل.
وهذه دعوة الله تعالي اعمال العقل فاعتبروا فالفلسفة منهجها الإعتبار والتدبر والتأمل.
وكذلك نؤمن بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، بكل احاديثه الثابت صحتها في صحاح الأحاديث نتفق علي ذلك بداية.
نطرح بعض الأسئلة للنقاش أي علاج نقصده هل علاجي روحاني نفساني ؟! ، هل علاج عضوي بدني ؟! ، هل هما معا ؟!.
أولا :الرأي المؤيد :يري أنصار هذا الرأي ان العلاج بالقرآن نفسي روحي وعضوي بدني وادلتهم علي ذلك قول الله تعالى (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) ،(وشفاء لما في الصدور) (يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس) .
وأن عمربن الخطاب كان يداوي بسورة الفاتحة وأن الرسول صلي الله عليه وسلم عندما لدغ الثعبان ابا بكر تفل علي قدمه ومسح عليها وقرأ عليها القرآن فشفي.
ثانيا:الراي المعارض :كثير من الاطباء النفسانيين وكذلك الأطباء في مخلتف التخصصات يرفضون ذلك ،
لان الله تعالي أمرنا بالتداوي ، ما جعل الله من داء إلا وجعل له دواء إلا الهرم ، وكذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم تداووا عباد الله .
وأن النبي حينما غلبته الحمي كان يضع الماء البارد علي رأسه ووجهه الشريف .
وحجتهم أننا نترك العلم وكليات الطب والصيدلة والعلاج الطبيعي وطب الأسنان.
ونذهب الي هؤلاء المشايخ الدجلة من وجهة نظرهم ونطلب منهم ان يقرأوا القرآن علي الجرح مثلا فيشفي او علي مرض عضال يحتاج إلى استئصال ورم خبيث فيشفي ونغلق المشافي والعيادات وأماكن العلاج الطبيعي او صالات التربية البدنية (الجيمينزيوم) ونتجه الي القرآن ، وعلاج أمراض السمنة المفرطة يعني تجعل أحد هؤلاء يقرأ عليها ربع من القرآن ووزنها 100كيلو جرام فتخس -ما هذا الهراء.
-والرسول صلى الله عليه وسلم شخص حالة مرضية اذ جاءه رجل يشكو من الم في بطن أخيه فقال له النبي اسقه عسلا ، وأثبت الطب الحديث وعلماء التغذيةفوائد العسل بعد إجراء بعض التجارب عليه ، إذا النبي كان يعالج ويعالج بالأعشاب وقد أثبتت التجارب العلمية العلاج بالاعشاب بعد اخضاعها للمعالجات الكيميائية .
وكذلك حجتهم ان المشافي موجودة منذ القدم فها هو الرازي الطبيب الذي أنشأ (البيمارستان)،
وكذلك تشريح العين واكتشاف الدورة الدموية لابن النفيس والجراحات الدقيقة التي كان يقوم بها زهراوي المغرب وابن سينا المشرق ، وكذلك القانون في الطب لابن سينا والحاوي للرازي والكليات لابن رشد.
فلو صح هذا الأمر لما اتجه هؤلاء العلماء لدراسة العلوم الطبية والصيدلانية واكتفوا بالذهاب للمشايخ والمشايخ علي عهدهم كانوا مشايخ علي حق وليسوا كهؤلاء الذين نراهم اليوم ، ولما أرسلت كليات الطب الارساليات والبعثات الطبية الي مختلف جامعات العالم لتلقي العلوم الطبية وهذا رأي هؤلاء.
ثالثا :الجمع بين الاثنين العلاج بالقرآن والعلاج الطبي. وهذا رأى كثير من المثقفين ، بمعني نعالج بالقرآن الأمور النفسية والروحية مثل علاج الحسد والعين وفك الأعمال والسحر لان النبي صلى الله عليه وسلم سحر ، وأتى جبريل وعلمه قراءة المعوذتين ودله علي مكان السحر ولكن من الذي يقوم بذلك .
لا أقول متخصصين او ما يظهرون على شاشات التلفاز وإنما ان تقوم أنت بنفسك او أحد من أهل بيتك ولو أمسكت بالمصحف وقرأته سيذهب الله عنك هذا الرجس الذي هو من عمل الشيطان . أ
ما الطبيب المعالج بالأدوية فيأخذ بركة القرآن كأن يقرأ الكثير من الآيات قبل دخوله لغرفة العمليات من أجل ان يمنحه الله التوفيق في إجراء عملياته المعقدة.
ولكن لا يقرأ علي المريض من أجل أن يشفيه الله بمعني لايترك مشرطه وادواته الجراحية ويترك المريض خدرا ويمسك بالمصحف ويرتل القرآن ويطلب ان تجري العملية من تلقاء نفسها وإنما يأخذ بالأسباب ويتوكل علي رب الأسباب.
رابعا :رأينا المتواضع في هذه الاشكالية :فنري ان الله قد منحنا عقلا نفكر به ونهتدي به في عتمة هذه الخزعبلات ، نعلم ان القرآن دستور الله المنزل الذي ينظم العلاقات بين البشر وفيه خبر ما كان قبلنا ونبأ من سيأتي بعدنا وأن أكثر من ثلثي القرآن في إقرار وحدانية الله والباقي في المعاملات والعبادات.
وأن هناك مشكلات نفسية كثيرة معقدة وعصية الحل كالسحر وفك الأعمال وان كنا نري ان هناك مشكلات نفسية تحتاج الي أطباء نفسانيين.
بالاضافة للقرآن الذي بحمل ما يحمله من الهدوء والسكينة اذن نستخدمه مع العلاج النفسي.
أما العلاج العضوي فلا يمكن بحال من الأحوال الا من أجل التبرك بالقرآن ورب القرآن ودليلي علي ذلك ، نفترض ان أحدا ظل يقرأ القرآن ولم يلجأ إلى الطب ولم يشفي المريض فما العمل إذن سيكون التشكيك في هذا الثابت الذي يحمل حركيته وديناميكيته في ثباته يدور حيث تدور الدهور والازمان.
يا سادة هل يعقل ما نسمعه ان رجلا من إياهم -المشايخ -تأتيه امرأة غلبها دم الحيض ولم يتوقف فيقول لها اكتبي علي رحمك (وقيل يا أرض ابلعي ماءك) ونحن نعلم ان هذه الآية نزلت في سيدنا نوح وسفينته ، بأي عقل نصدق هذا الكلام ،ما هذا العبث بكتاب الله.
أما القول وشفاء لما في الصدور اي من ضيق وعدم الراحة النفسية فبمجرد ان نقرأ القرآن تهدأ النفس ويزول الهم ، أما العلاج بالقرآن ونحن أبناء القرن الحادي والعشرين الذي بلغ فيه الطب مبلغه ، صحيح أن هناك أمراض مستعصية قد يعجز الطب عن الوصول إلى علاج لها إذن نبرأ من حولنا وقوتنا الي الله بالدعاء ففي قوله تعالي.
وإذا مرضت فهو يشفين ان تدعوا الله تعالي أن يجد لها شفاء ناجحا اي ان يوفق العلماء الي وجود دواء نافع يشفي به المريض.