كتب/ حمادة توفيق.
ما لا يعرفهَُ الكثيرون أن الكونَ كائنً حيٌّ، فيه الحياةُ والموتُ، وفيه مقابرٌ تُدفَنُ فيها النجومُ، فدعونا نتأملْ الاكتشافَ العلميَّ الجديدَ لتهاوي النجومِ داخلَ الثقوبِ العملاقةِ.
اكتشفَ العلماءُ دليلًا على سقوطِ نجمٍ أو كوكبٍ داخلَ ثقبٍ أسودَ في داخل مجرتنا، ويقول العلماءُ أن هذا الثقبَ القريبَ من مركزِ مجرتنا يجذبُ إليه مادةَ النجمِ بشدةٍ ويبتلعهُ، حيث يقومُ بشفطهِ كما تفعلُ المكنسةُ الكهربائيةُ التي تشفطُ الغبارَ.
لاحظَ العلماءُ تدفقًا مفاجئًا لتيارٍ من الغازِ ينطلقُ من النجمِ باتجاهٍ مجهولٍ، ويشكلُ دوامةً تلتفُّ حولَ الثقبِ الأسودِ، مع العلمِ أن الثقبَ الأسودَ لا يمكنُ رُؤيتُهُ، ولكنّ العلماءَ رأوا الدوامةَ المتشكلةَ حوله نتيجةَ ابتلاعهِ للنجمِ.
في قلبِ هذه المجرةِ التي تحوي أكثرَ من 100 مليارِ نجمٍ، هناك يقبعُ ثقبٌ أسودٌ هائلُ الوزنِ، يقومُ بابتلاعِ كلِّ ما يصادفهُ في طريقهِ خلال تحركهِ وجريانهِ في الفضاءِ بسرعاتٍ كبيرةٍ، هذا الثقبُ ليس الوحيدَ، بل هناك ملايين وربما مليارات منه تنتشرُ في أرجاءِ الكونِ الواسعِ.
إن صدى الضوءِ الصادرِ عن عمليةِ الابتلاعِ يتمُّ رصده من قبلِ علماءِ ناسا، حيث يؤكدون أن الثقبَ الأسودَ موجودٌ ويقومُ باستهلاكِ الكثيرِ من الكواكبِ والنجومِ والغبارِ، وأحيانًا بعضِ الحجارةِ، كلها تشكل “غذاءً” لهذا الثقبِ، سبحان الله!
وفي رسمٍ لعمليةِ ابتلاعِ نجمٍ من قبلِ ثقبٍ أسودَ، كان الثقبُ الأسودُ في المركزِ وحوله دوامةٌ تشبهُ الإعصارَ من الغازِ، حيث لا يصلُ النجم مباشرة لداخل الثقب، بل تتحول مادة النجمُ إلى غازٍ أولًا بفعلِ الجاذبيةِ الهائلةِ له، ثم يجري.
الثقبُ الأسودُ له وزنٌ يبلغُ ملياراتِ وزنِ الشمسِ، ومادةُ النجمِ المبتَلعِ تشكلُ وقودًا لهذا الثقبِ الذي يقومُ بتنظيفِ الكونِ، ولذلك يعتبرُ بمثابةِ مقبرةٍ كونيةٍ عملاقةٍ.
النجمُ في نهايةِ حياتهِ يبعد عنا 4200 سنةً ضوئيةً، هذه هي نهايةُ النجومِ، تظهرُ بألوانٍ زاهيةٍ، حيث تبلغُ درجةُ حرارةِ سطحهِ 50000 درجةً مئويةً، وتظهرُ هذه الألوانُ نتيجةَ الغازاتِ المتدفقةِ نتيجةَ انهيارِ النجمِ.
وتختلفُ أطوالُ الموجاتِ الصادرةِ عن الضوءِ الناتجِ عن الانفجارِ حسبَ طبيعةِ وتركيبِ الغازاتِ.
تبعدُ المجرة الحلزونية IC 2560 عنا 110 مليون سنة ضوئية، ونلاحظ القلب اللامع لهذه المجرة الذي يدل على تجمع النجوم في المركز، وهذه المجرة يقبع فيها عدد من المقابر الكونية الضرورية لاستمرار هذه المجرة وبقائها على قيد الحياة، فالموت في عالم النجوم ضروري، ولا يقل أهمية عن الحياة.
الشمس كما رآها العلماء من خلال المرصد:
Solar Dynamics Observatory Atmospheric Imaging Assembly AIA الخاص بوكالة ناسا بتاريخ الأول من فبراير عام ألفين وعشرة، من النجوم التي عندما تموت لن تتحول إلى ثقب أسود لأن كتلتها لا تكفي لذلك، إنما ستتكور على نفسها ويخبو ضوؤها وتتحول لعملاق أحمر، بحيث تبلغ حدودها مدار القمر وربما تبتلعه في النتيجة.
وسبحان الله هذه الاكتشافات تتضمن عددًا من الحقائق العلمية التي تتجلى أمامنا اليوم، ولكن هذه الحقائق أشار إليها القرآن قبل 14 قرنًا، دعونا نتأمل:
1 – حقيقة سقوط نجم في أعماق ثقب أسود أشار إليها القرآن بقوله تعالى: (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى) [النجم: 1]، وكلمة هوى بمعنى سقط وهوى باتجاه جسم آخر، وكذلك تتضمن معنى لطيفًا وهو أن النجم يهوي على نفسه وتتساقط مادته لمركز جاذبيته.
2 – الثقوب السوداء هي مقابر كونية تكنس وتنظف الكون بسبب جاذبيتها الفائقة التي لا تسمح للضوء بمغادرتها، وبالتالى فهي مختفية لا تُرى أبدًا، وهذه النجوم أشار إليها القرآن بقوله: (فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ) [التكوير: 15-16].
3 – إن حقيقة موت وولادة النجوم أيضاً أشار إليها القرآن في سورة النجم، فالله تعالى يقول: (وَ أَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَ أَحْيَا) النجم: 44].
والموت هنا لا يعني البشر فقط، بل الكائنات الحية والنجوم وكل ما يخطر ببالك، فكلها سوف تفنى، ولا يبقى إلا الله تعالى.
4 – حقيقة موت الشمس وتكويرها وانخفاض ضوئها أشار إليها القرآن بقوله تعالى: (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) [التكوير: 1].
ولا نملك إلا أن نقول سبحان الله، كلما اكتشف العلمُ حقيقةً كونيةً رأينا إشارةً بينةً لها في كتابِ اللهِ تعالى، وهذا يدل على أنه لا تناقضَ بين العلمِ والقرآنِ.
(أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) [النساء: 82].