بقلم/ سالي جابر
استيقظت من نومها في منتصف الليل تشعر بنغزة شديدة في ذلك اليسار من جسدها، الذي يرقد في أمان على بُعد سنتيمتراتٍ من غرفة نومها يفصلهما جدار، ويربطهما الحب؛ خطوت إليها مهرولة ترتعش يداها تسبقها دقات قلبها، احتضنته وسالت دموعها على وجنتيه وقالت بصوت مرتعش: أغاضبٌ مني؟! ما كنت أفعل هذا إلا لحبك الذي يحتل قلبي خوفًا عليك؛ لكني أعتذر غاضبةً من نفسي، باكيةً على تلك النظرة الباهتة التي رأيتها في عينيك، أسفة حبيبي. فقال لها: لا أود منكِ اعتذار يا أمي، أنا من أخطأت حين أسأت التصرف، حين تلونت الحروف على فاهي، وأسقَطُّت من كلماتي الصدق، عندما خذلتكِ وأدرت ظهري للحقيقة، لم أكن كاذب؛ لكني لا أعلم لماذا فعلت؟! وتلك الصفعة لم تشعرني بالإهانة قدر أنها أيقظتني من غيبوبتي، وأبعدت نفسي الظالمة عني، لا تندمي يا أمي فذاك الألمُ نقش على صخور أيامي معاني الصدق، مترادفات الإيمان، شكل الحياة. هيا يا أمي، سأحضر لكِ فنجانًا من القهوة ونغمات هادئة وإنارة صافية كما تحبين أن تفعلي في وقت صفائك، كوردة اعتذار مني إليكِ، اسمحي لي أن أقدم لكِ أسفي بأفعال يستشعرها قلبك ربما يغفر لي عقلك ما فعلت؟! ابتسمت وكأن قلبها وجد ضالته إلى أن برزت أسنانها ناصعة البياض، فقامت وسجدت لخالقها سجدة طويلة ربما تشكره على حُسنِ صنيعها في ولدها بفضل الباري؛ ربما تطلب منه – عز وجل – أن يهدي قلبها الذي يسير على الأرض؛ لكن الابتسامة على ثغرهما، وطول سجودهما يشير إلى رضاهما عما حدث، فلا أحدٍ منهما ضجر، ولا تألم بينما كان موقف يتعلمان منه كيف تدار الحياة، وكيف تكون نتاج ثمار الحب!