كتبت : وفاء خروبه
ياسلسبيل القلوب يافاطمة ياروعة الخلق وأعجوبة الدهر وآية الخالق الواحد أيها الكوثر المهدور في ليلة القدر سلامٌ حتى مطلع الفجر المتلحف بكساء الرسول (ص) فاطمة ياقلب محمد (ص) ليذهب عنكم الرجس ويطهركم تطهيراً يازوجة خير الوصيين وأبو الأئمه الطاهرين فاطمة ياكوثراً متدفقاً بالآفاق ولأشواق العليا فاطمة والأهداف الكبرى ليأوي على ساحل بركي اليتيم والأسير والمسكين ولتهتف السماء بسورة الأنسان الكامل المخزون في دهر هل أتى أيتها المؤمور لأجلها بغضو أبصاركم فاطمة على الصراط وطأطئو رؤوسكم لتمر فاطمة أيتها الزهراء على صفحة الكون التي يستضيء بنوركي أهل الأرض والسماء يامن فطمتي شيعتكي من النار أيتها الراضية بكل ماجرى عليكي من الظلم والأعتداء أيتها الصادقة والصديقة أيتها الصابرة والعابدة لقد كنتي خير بنت وخير زوجة وخير أم لقد كنتي أنشودة التأريخ لقد كنتي أم الحسن والحسين عليهما السلام أيتها البتول الطاهرة آه عليكي أيتها المظلومه آه عليكي أيتها المخفي قبرها والسلام عليكي ياسيدتي ومولاتي يافاطمة الزهراء ورحمة الله وبركاته
تُعَدّ السيّدة فاطمة -رضي الله عنها- أصغر بنات النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، على خِلافٍ بين العلماء بينها وبين رقية -رضي الله عنهما-، وقد ورد في ترتيب بنات النبيّ أنّ الأولى كانت زينب، ثمّ رقيّة، ثمّ أمّ كلثوم، ثمّ فاطمة -رضي الله عنهنّ وقد وُلِدت فاطمة -رضي الله عنها- قبل بعثة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بخمس سنواتٍ، في العام الذي أعادت فيه قريش بناء الكعبة، وعليه فقد كان عُمر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- حين ولادتها خمسة وثلاثين عاماً
مولد السيدة فاطمة الزهراء تُعَدّ السيّدة فاطمة -رضي الله عنها- أصغر بنات النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، على خِلافٍ بين العلماء بينها وبين رقية -رضي الله عنهما-، وقد ورد في ترتيب بنات النبيّ أنّ الأولى كانت زينب، ثمّ رقيّة، ثمّ أمّ كلثوم، ثمّ فاطمة -رضي الله عنهنّ- وقد وُلِدت فاطمة -رضي الله عنها- قبل بعثة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بخمس سنواتٍ، في العام الذي أعادت فيه قريش بناء الكعبة، وعليه فقد كان عُمر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- حين ولادتها خمسة وثلاثين عاماً
صفات السيدة فاطمة الزهراء
كانت للسيّدة فاطمة -رضي الله عنها- العديد من الصفات التي تميّزت بها عن غيرها، وفيما يأتي بيان البعض منها: كانت فاطمة الزهراء -رضي الله عنها- أشبه الناس سمتاً وهدياً ودَلّاً برسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، كما أخبرت بذلك عائشة -رضي الله عنها-، فقالت: (ما رأَيْتُ أحدًا كان أشبهَ سمتًا وهَدْيًا ودَلًّا، والهدى والدال، برسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم من فاطمةَ كرَّمَ اللهُ وجَهْهَا؛ كانت إذا دخَلَتْ عليه قام إليها، فأخَذَ بيدِها وقبَّلَها وأَجْلَسَها في مجلسِه، وكان إذا دخَلَ عليها قامت إليه، فأَخَذَتْ بيدِه فقَبَّلَتْه وأَجَلَسَتْه في مجلسِها)،[١٣] ويُراد بالسَّمت: الخشوع، والتواضع، أمّا الهدي، فهو: الوقار، والسكينة، والدَلّ: حُسن الخُلق، وطِيب الكلام كانت فاطمة الزهراء -رضي الله عنها- من أكثر الناس صبراً، على الرغم من عِظَم المصائب التي مرّت بها في حياتها، ومن ذلك وفاة أمّها في حياتها عندما كانت صغيرةً، وذلك في مكّة المُكرَّمة قبل الهجرة إلى المدينة. فَقْدها لأخواتها: رقيّة، فأمّ كلثوم، فزينب. شقاء الحياة التي كانت تعاني منه ومُرّ عَيشها، وفي ذلك قال عامر الشعبي: “قال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: لقد تزوّجت فاطمة وما لي ولها فراش غير جلد كبش ننام عليه بالليل، ونعلف عليه الناضح بالنهار، وما لي ولها خادم غيرها”، وكان قد أرشدهما الرسول -عليه الصلاة والسلام- إلى ما يغنيهما عن مُرّ الحياة ومشقّتها، فقال لهما: (ألَا أدُلُّكُما علَى خَيْرٍ ممَّا سَأَلْتُمَا؟ إذَا أخَذْتُما مَضَاجِعَكُما -أوْ أوَيْتُما إلى فِرَاشِكُما- فَسَبِّحَا ثَلَاثًا وثَلَاثِينَ، واحْمَدَا ثَلَاثًا وثَلَاثِينَ، وكَبِّرَا أرْبَعًا وثَلَاثِينَ، فَهو خَيْرٌ لَكُما مِن خَادِمٍ) وفاة أبيها محمدٍ -صلّى الله عليه وسلّم- في حياتها، وفي تلك المصيبة يقول أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (لَمَّا ثَقُلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جَعَلَ يَتَغَشَّاهُ، فَقالَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلَامُ: وا كَرْبَ أبَاهُ، فَقالَ لَهَا: ليسَ علَى أبِيكِ كَرْبٌ بَعْدَ اليَومِ، فَلَمَّا مَاتَ قالَتْ: يا أبَتَاهُ، أجَابَ رَبًّا دَعَاهُ، يا أبَتَاهْ، مَن جَنَّةُ الفِرْدَوْسِ مَأْوَاهْ، يا أبَتَاهْ إلى جِبْرِيلَ نَنْعَاهْ، فَلَمَّا دُفِنَ، قالَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلَامُ: يا أنَسُ أطَابَتْ أنْفُسُكُمْ أنْ تَحْثُوا علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ التُّرَابَ).
ألقاب فاطمة الزهراء فاطمة الزهراء
تجدر الإشارة إلى أنّه لا يوجد أيّ دليلٍ واضحٍ، أو نصٍّ صريحٍ يدلّ على إطلاق لقب الزهراء على السيّدة فاطمة -رضي الله عنها-، سواءً في عهد النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم، أو غيره من القرون، إلّا أنّ إطلاق لقب الزهراء على السيّدة فاطمة كان قد ورد على لسان عددٍ من علماء المسلمين، ومن أبرزهم: ابن حبان، وابن عبدالبر، والخطيب البغدادي، وابن حجر، وابن الأثير، وغيرهم من العلماء، وقد أرادوا بمعنى الزهراء: ما يُطلَق على المرأة المُشرقة البيضاء المُستنيرة، واستنادهم في إطلاق هذا اللقب عليها؛ مشابهتها لأبيها -صلّى الله عليه وسلّم- في جماله، وحُسن وجهه؛ فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّه قال: (كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَزْهَرَ اللَّوْنِ)،[٢١] ويُراد بالرجل الأزهر: الرجل الأبيض المُستنِير الوجه، أمّا ما ذهب إليه البعض من إطلاق لقب الزهراء على السيّدة فاطمة -رضي الله عنها-؛ لأنّ وجهها كان يُزهر لزوجها عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- في الصباح، والمساء، إلى جانب ما قِيل حول أنّها لم تكن تحيض، فكلّ ذلك يُعَدّ من الأمور الباطلة التي لا تصحّ، والتي لم يرد أيّ دليلٍ ينصّ عليها
فاطمة أمّ أبيها
كانت السيدة فاطمة -رضي الله عنها- من أحبّ بنات النبي -صلّى الله عليه وسلّم- إليه، وأكثرهنّ اهتماماً به، ورعاية له، إلى الحدّ الذي جعله يُلقّبها ويناديها بأمِّ أبيها؛ وذلك لما كان -صلّى الله عليه وسلّم- يرى من شدّة عطفها، وحنانها عليه، وحبّها له.[١٦] فاطمة البتول يُعَدّ اسم (البتول) من الألقاب التي أُطلِقت على السيّدة فاطمة -رضي الله عنها-، علماً بأنّ هذا اللقب كان قد أُطلِق أيضاً على مريم بنت عمران -عليها السلام- من قبلها، ويُشار ‘إلى أنّ التبتُّل في اللغة يأتي بمعنى: الانقطاع، ويُطلَق هذا اللقب في الغالب على المرأة التي تتفرّغ لعبادة الله -تعالى-؛ أمّا سبب إطلاقه على السيّدة فاطمة -رضي الله عنها-، فهو أنّها كانت قد انقطعت عن النساء اللواتي حولها، ولم تنشغل معهنّ بأمور الدنيا، بل عِوضاً عن ذلك تفرّغت لعبادة الله، وانشغلت بأمور الآخرة، وما تنال رضا الله -سبحانه- به.
منزلة فاطمة الزهراء
تمتلك السيّدة فاطمة الزهراء -رضي الله عنها- منزلةً رفيعةً في الإسلام، ويظهر ذلك جليّاً في العديد من الأمور، والتي منها أنّها:[ كانت -رضي الله عنها- خير نساء العالَمين، وما ورد في فضل عائشة -رضي الله عنه- أنّها أفضل النساء فمَردُّه إلى فَضلها في العِلم، وقد عدّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- فاطمة من أفضل نساء الأرض، كما ورد في حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّ النبيّ قال: (حُسْبُكَ من نساءِ العالمينَ مَرْيَمُ ابنةُ عِمْرانَ وخديجةُ بنتُ خُوَيْلِدٍ وفاطمةُ بنتُ مُحَمَّدٍ وآسِيَةُ امرأةُ فِرْعَوْنَ). كانت -رضي الله عنها- سيّدة نساء أهل الجنة، فكما أنّ السيّدة فاطمة -رضي الله عنها- سيّدة نساء العالَمين في الدنيا، فهي كذلك سيّدة نساء أهل الجنة، ففي حديث حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (إنَّ هذا مَلَكٌ لم ينزِلْ الأرضَ قطُّ قبلَ اللَّيلةِ، استأذَنَ ربَّه أن يُسلِّمَ عليَّ ويُبشِّرَني بأنَّ فاطمةَ سيِّدَةُ نساءِ أهلِ الجنَّةِ، وأنَّ الحسنَ والحُسَينَ سَيِّدا شبابِ أهلِ الجنَّةِ)،[١٩] وكذلك في حديث عائشة حين أسرَّ النبيّ -صلّى الله عيه وسلّم- إلى فاطمة قبل وفاته؛ فقد ورد في إحدى الروايات أنّه قال لها: (أنتِ سَيِّدةُ نِساءِ أهلِ الجنَّةِ).
مَحبّة النبيّ لفاطمة الزهراء
كانت السيّدة فاطمة -رضي الله عنها- من أحبّ الناس إلى قلب النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- من أهل بيته، ومن مظاهر حبّه لها: موقفه -صلّى الله عليه وسلّم- عندما كان يقوم لفاطمة -رضي الله عنها- إذا دخلت عليه، ويُقبّلها على رأسها، ويُجلسها في مَجْلِسه؛ تكريماً لها، ولمنزلتها عنده، روى الإمام البخاريّ في صحيحه عن الصحابيّ المسور بن مخرمة -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (فاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي، فمَن أغْضَبَها أغْضَبَنِي). كما أنّه -صلّى الله عليه وسلّم- كان يكره ما تكرهُه ابنته فاطمة موقفه -صلّى الله عليه وسلّم- عندما كان يبدأ بالدخول والسلام على فاطمة الزهراء إن رجع من سفرٍ أو غزوٍ، فيدخل المدينة بعد أن اشتاقت نفسه إليها، ويدخل المسجد فيصلّي فيه ركعتين، كما روى كعب بن مالك في الحديث الطويل في قصة تخلّفه عن غزوة تبوك، إذ قال -رضي الله عنه-: (كان إذا قدِم مِن سفرٍ فعَل ذلك: دخَل المسجدَ فصلَّى فيه ركعتينِ) ثمّ كان النبي -عليه السلام- يذهب إلى بيت ابنته فاطمة -رضي الله عنها-، ممّا يدلّ على شدّة حبّه ومودّته لها، وإكرامه إيّاها، وعلى مكانتها ومنزلتها -رضي الله عنها-.[١١] موقف السيّدة فاطمة عند وفاة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-؛ إذ إنّه حين دخلت عليه في آخر لحظات حياته، وبعد أن أكرمها، ورحّب بها، وأجلسها إلى جانبه، أسرَّ لها حديثاً فبكت، ثمّ أسرَّ لها مرةً أخرى فضحكت؛ وذلك أنّه أخبرها في الأولى أنّه ميّتٌ، وفي الثانية أنّها أوّل أهله لحاقاً به، وفي ذلك روى الإمام البخاري في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (أَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِي كَأنَّ مِشْيَتَهَا مَشْيُ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مَرْحَبًا بابْنَتي ثُمَّ أجْلَسَهَا عن يَمِينِهِ، أوْ عن شِمَالِهِ، ثُمَّ أسَرَّ إلَيْهَا حَدِيثًا فَبَكَتْ، فَقُلتُ لَهَا: لِمَ تَبْكِينَ؟ ثُمَّ أسَرَّ إلَيْهَا حَدِيثًا فَضَحِكَتْ، فَقُلتُ: ما رَأَيْتُ كَاليَومِ فَرَحًا أقْرَبَ مِن حُزْنٍ، فَسَأَلْتُهَا عَمَّا قالَ: فَقالَتْ: ما كُنْتُ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، حتَّى قُبِضَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَسَأَلْتُهَا. فَقالَتْ: أسَرَّ إلَيَّ: إنَّ جِبْرِيلَ كانَ يُعَارِضُنِي القُرْآنَ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً، وإنَّه عَارَضَنِي العَامَ مَرَّتَيْنِ، ولَا أُرَاهُ إلَّا حَضَرَ أجَلِي، وإنَّكِ أوَّلُ أهْلِ بَيْتي لَحَاقًا بي. فَبَكَيْتُ، فَقالَ: أما تَرْضَيْنَ أنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ أهْلِ الجَنَّةِ، أوْ نِسَاءِ المُؤْمِنِينَ فَضَحِكْتُ لذلكَ).
زواج السيدة فاطمه الزهراء
زواج فاطمة الزهراء من عليّ بن أبي طالب وافق النبيّ -عليه الصلاة والسلام- على خِطبة علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- من ابنته فاطمة الزهراء، ولمّا سَمِعَ علي -رضي الله عنه- جواب النبيّ سجد شُكراً لله -تعالى-؛ لِما تفضّل الله وامتنّ به عليه من مصاهرته لنبيّه، ودعا لهما النبيّ بالبركة، والذرّية الطيّبة، وشهد على زواجهما جمعٌ من الصحابة، منهم: أبو بكر الصدّيق، وعمر بن الخطّاب، وعثمان بن عفّان، وطلحة بن عُبيدالله، والزُّبير من المهاجرين، وغيرهم من أنصار الصحابة، وكان الصدّيق والخطّاب قد خَطبا فاطمة قبل عليّ، إلّا أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- ردّهما ردّاً جميلاً، كأنّه أراد أن يخصّ عليّ بن أبي طالب بها
اولاد السيدة فاطمه الزهراء
أبناء فاطمة الزهراء وبناتها رُزِقت السيّدة فاطمة -رضي الله عنها- بعددٍ من الأبناء والبنات، ويُشار إلى أنّ جميعهم كانوا من عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه-، وهم:: الحسن، والحسين، ومُحسن. البنات: زينب، وأمّ كلثوم.
وفاة السيدة فاطمة الزهراء
كانت وفاة فاطمة الزهراء -رضي الله عنها- بعد وفاة النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بستّة أشهرٍ، وبالتحديد في عهد أبي بكر الصدِّيق -رضي الله عنه-، فقد صحّ في الحديث عن أبي بكر -رضي الله عنه-: (…وعَاشَتْ بَعْدَ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ…) وقد جاءت روايات أخرى بهذا الشأن، بعضها أقلّ من ستّة أشهر، وبعضها أكثر، لكنّ جميع الأخبار تتفقُ على أنّ السيدة فاطمة كانت أولّ أهل بيته -عليه السلام- لحوقاً به إلى الدار الآخرة، وممّا يدل على ذلك ما ثبت في الصحيح عن عائشة -رضي الله عنها-، أنّ فاطمة حدّثتها أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أسَرَّ إلَيها، فقال: (إنَّ جِبْرِيلَ كانَ يُعَارِضُنِي القُرْآنَ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً، وإنَّه عَارَضَنِي العَامَ مَرَّتَيْنِ، ولَا أُرَاهُ إلَّا حَضَرَ أجَلِي، وإنَّكِ أوَّلُ أهْلِ بَيْتي لَحَاقًا بي. فَبَكَيْتُ، فَقالَ: أما تَرْضَيْنَ أنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ أهْلِ الجَنَّةِ، أوْ نِسَاءِ المُؤْمِنِينَ فَضَحِكْتُ لذلكَ).
السيدة فاطمة
دفن السيدة فا طمه ومكان قبرها تجدر الإشارة إلى أنّ فاطمة الزهراء -رضي الله عنها- كانت أوّل من صُنِع لها النَّعش عند وفاتها كما ذكر ابن عبد البرّ -رحمه الله-؛ والنَّعش هو: ما يُحمَل عليه الميّت، ويتكوّن من سريرٍ يُغطّى بقماشٍ، ويُوضع على القصب، أو جريد النخل، أو الخشب؛ ليُشكّل قُبّةً فوق سرير المرأة؛ ليسترها، وقد صُنِع النَّعش لفاطمة -رضي الله عنها-؛ استجابةً لوصيّتها، علماً أنّ عليّاً بن أبي طالب، وأسماء بنت عُميس -رضي الله عنهما- هما من تولّيا غسل فاطمة الزهراء -رضي الله عنها-، ولم يُسمَح لأحدٍ سواهما من الدخول عليها عند التغسيل.وقد أُصيب عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- بحُزْنٍ شديدٍ؛ لفَقْده زوجته فاطمة الزهراء -رضي الله عنها-، إلّا أنّه تولّى أمر دفَنها، وكان دَفنها في الليل، وبيّن الحافظ -رحمه الله- أنّ سبب دَفنها ليلاً يرجع إلى وصيّتها؛ وذلك لأنّها كانت تتحرّى الزيادة في السَّتْر، وقد اختلفت الروايات في بيان مَن صلّى عليها؛ إذ قِيل إنّ عليّاً بن أبي طالب -رضي الله عنه- هو مَن صلّى عليها، وقِيل إنّه أبو بكر الصدِّيق -رضي الله عنه-، وقِيل العباس بن عبد المُطّلب -رضي الله عنه-، وقِيل إنّه نزل في قبرها مع عليّ بن أبي طالب، والفضل بن العباس -رضي الله عنهم جميعاً-أمّا قَبْرها -رضي الله عنها-، فقد وردت العديد من الروايات التي تُحدّد مكانه بالتفصيل؛ فقد دُفِنت -رحمها الله- في البقيع بالقُرب من الزقاق التي تَلي زاوية دار عقيل، وقِيل إنّ القبر بالقُرب من زاوية دار عقيل ممّا يَلي دار أبي نبيه.
رئيس مجلس إدارة جريدة القاهرية