كتبت: باسنت مدحت
مزق طفل في العاشرة من عمره صورة إنساناً إلى نصفين عن غير قصد، تحركت السيارات بسرعة، تبعثر الورق، ظل الطفل يتأمل وعيناه دامعة الأوراق المبعثرة كأنه أضاع لعبته المفضلة، ظل يجري وراء الأوراق محاولاً أن يلتقطها، لكنها تطايرت بسرعة مع حركة السيارات وهبوب الهواء وتحرك أقدام السائرين كأنهم يشوطونها، استنجد بأحد العابرين، لكن لم يعيره أحد الاهتمام، ظل يجري كالمذعور حتى أوقف أحدهم وأخبره عن الورقة حتى يبحث عنها معه، لكنه أعطاه المال ظنا أنه ربما يكون فقيراً، لم يأخذه وتحايل عليه أن يبحث عنها مرة أخرى، فقال له في توجس: ماذا تريد؟، ثم أخبره عن الصورة الممزقة، فاندهش من هذا الاهتمام، تساءل: لماذا مزقتها؟!.
-أراد أحد الأطفال أن يقضي حاجته على الصورة، لكنني أوقفته، وبينما أشد الصورة منه، تمزقت منى عن غير إرادتي ثم تشاجر معي الطفل فضاعت مني وها أنا أبحث عنها.. إنها صورة إنسان فقط لن تجد صعوبة.
تعجب حتى سأله إنه ربما يكون والده أو عمه لكن الطفل رفض، سأله باحتياجه إلى المال لكنه أبى أيضا،
تسائل: لماذا تهمك هذه الصورة إلى هذه الدرجة؟!.
-يريدها أبي وإلا سيعاقبني بشدة..أرجوك ساعدني
بحثا سويا.. وكلما يجد صورة ويسأله هل ذاك ما يريده فيرفض، ظلا هكذا لساعتين حتى يئس منه.. تأسف له وأخبره بأن يذهب إلى البيت، سأله مرة أخرى بأن يوصله ويتحدث مع أبيه لكنه رفض أيضا وتمسك بالبحث عنها،..
-أرجوك ابحث معي.. أنها تهمني للغاية.. أنا لست كما تظن.
بحثا للمرة الأخيرة..
ثم صرخ الطفل بكل قوته: ها قد وجدتها.. وجدت النصف أنه مبلل بعض الشئ.. لكنه سيجف.
أراه الصورة..
اندهش: ماهذا: إنها خريطة.. ألم تقل إنسان!
-هذا ما أريده! قال لي معلمي في المدرسة أنهما واحد.. لو هدأت الحروب وانتشر السلام، لاكتملت أنا.
-ماذا تقصد!
-أبي في سوريا ولا أستطيع أن أجد أمى.. تبنتني إحدى العائلات، وأنا أأمل بأن أجد السلام في قلبي.. آه لو هدأت الحروب.. سأبحث عن الورقة الأخرى.. إنني آسف.