بقلم محمود أمين
19 مارس-آذار 2021
عزيزتي أهلا، ليت الكتابة تتمثل أمامك في شخصي وتُوصل ما أريد.
ما بال خيالك يزورني كل يوم، يلف قلبي كما تلف الريح زهرات الحدائق فتتمايل طربا، تحية طيبة عزيزتي وسلام عليك.
حضورك كامل لا ينقصه شيء سوى قوانين المادية التي تتحكم في ماهية الموجودات، غيابك لم يخطر ببالي ولم يخفت بعد، صورتك باقية صورتك وأنت باسمة ملء الحياة.
هروبك متقن على نحو الدارسين له، غيابك ومراوغتك أصبحا متلازمين لا يفترقان أبدا، لقد اعتدت خطتك في الهروب وادعاءاتك في الغياب والتخفي.
أنت جميلة ورشيقة كفراشة، أنت مرحة وحلوة كنسمات الصبح، أنت بهية وعظيمة كنقاء السماء، أخرجيني من تلك الجنة يا عزيزتي فقد مللت البقاء والانتظار، بعد أن كنت لذة النفس واللذة في التكرار، أمسيت سرابا ولا أملك من إعادة المشاهد التي مرت بنا قوة، فاذكريني أذكرك في نفسي وأعيدي البهجة بحضورك والألوان إلى طبيعتها.
لماذا لم تلملمي بقايا الذكرى التي تنهش قلبي؟ أعاتبك وأحملك ألم هذا القلب ورقتدته التعيسة في صدري!
لا تأتي ثانية فلا مكان لك هنا، فقد اعتدت غيابك يا قاسية الفؤاد، كان بإمكانك جبر هذا الكسر ومداواة الجرح وأنت ذكية بدرجة أنك تعلمين ما بداخلي وما آلت إليه أموري، تعلمين ورغم ذلك تقفين خرساء ولا تمدين يدًا، لا تأتي ثانية فحضورك غير مرحب به هنا وليتني بدأت رسالتي بلا مرحبا بك يا عزيزتي!
أرجو نسيانك وأتمناه كل ليلة، أحذف ذكراك من نفسي، وأتجنب الكلام عنك، لكل إنسان مخاوف تحاصره؛ وأنت من تلك المخاوف التي يقابلها الفتى حين يغمض عينيه للنوم، لقد كنت وفيا لك وما زلت على عهدي لك ولم أتخلف يوما عن واجب أو نداء، واليوم أنت ناجية تركضين على سفينة نوح وأنا أركض من الطوفان أبحث عن جبل يعصمني أو …
يقول الرافعي عليه رحمة الله (ومن الكلام إذا أثر في النفس، أن ينتظم في مثل الحقائق الصغيرة التي تُلقى للحفظ).
أستشهد بتلك الكلمات كي يكون ما أكتبه لك ما أرجو حدوثه؛ فيتمثل لي قولي اليوم حقائق الغد التي أتبعها وأنساك بالكلية.