كتبت_رشا فوزى
في المكتبة الشهيرة بكتبها العتيقة ومخطوطتها النادرة، بينما كنت مستغرقا في تفحص كتاب بغلاف جلدي أسود غاية في القدم وقد زينته نقوش بارزة غريبة الشكل، وبمجرد أن هممت بفتحه ومعاينة محتواه، إذ بي أشعر بأنفاس حارة تلفح وجنتي مع همس يخترق أذني:
– أحذر مَن تختار للرفقة!
جفلت ملتفتا لأرى عجوزا يكاد يكون ملتصقا بي، ابتعدت عنه قليلا وأنا أقول معترضا:
– ربما تقصد “ما” وليس “مَن”
– بل عنيت ما قولته، إن هذه الكتب تحمل أرواح كتّابها بين طياتها، أرواح فيها الصالح وفيها الطالح؛ فاحذر!
ابتسمت له باستخفاف، فنظر للكتاب الذي بين يدي وقال بطريقة مريبة:
– ذلك الكتاب مثلا، أعرف رجلا صالحا صار معتوها بعد أن قرأه!
ثم ترجّل مبتعدا عني بخطوات واهنة، وأنا أتابعه بعيني وهو يذوب وسط العابرين. بعد برهة تأمّل لكلمات العجوز قررت إعادة الكتاب إلى مكانه على الرف وأنا أقول لنفسي مبتسما:
– صار معتوها لدرجة الحكمة!