فى مقهى ريش

كتبت ( سهام سمير
خفت ألا أراه مرة أخرى، حين لبى طلبي جرسون غيره، اعتقدت وقتها أن الزمن دار دورته العادية، وأن ترسًا يحل محل أخر تعب، حتى ظهر بعد قليل، بمشيته المميزة، ظهره المُنحني في عليائه، سماره المحفور عليه بدقة علامات الزمن الجميل، وشعره المتساوى وشارب يزين وجه حليق الذقن..
خطواته المتمهلة تعتذر عن سنوات عمره الكثيرة، وصمته ينبيء بحكايات لا حصر لها، وزيه الفريد يرسم ملامح ذاك العهد البعيد.
صديرية سوداء وبنطال أسود قماش، أين ذهب القماش في ثورة الچينز والميلتون وخامات أخرى أكثر عملية وأقرب لملازمة منزلا ما بها !!
قميصه الأبيض، يبرز تناقض الأسود الذى يحيط نفسه به، أزعم أنه كان وسيمًا فيما مضى.
ما معيار الوسامة وقتها؟
هل تلك التقطيبة التي تبرز من جبهته!
سكوته أكثر من كلامه!
أم لبس القماش الكلاسيكي!
المشية المتمهلة!
هذا الشيخ لم يجر خلف أتوبيس يكتظ براكبيه.
أنضجته الخبرات، وشيبته التجارب.
وددتُ لو أخبرته بمدى فرحتى لمرآه.
لو قلتُ له كم يساوي وجوده في هذا الزمن!!
وما يضفيه علي أجواء المقهى من زخم.
هذا الرجل يضاهي مباني وسط البلد العتيقة، يماثلها في العلو، يشبهها في العراقة ولا يشبهه أحد.

Comments (0)
Add Comment