صباحك تكنولوجيا
بقلم د/ حنان عبد القادر محمد
الأصول الرقمية تأثير عميق فى التحول الرقمى
عَزيزي القارئ نَعِيش اَلْيَوْم في عَالم رَقْمِي يتغَير كُلّ لَحظة ويتسارع في دائرة من خَرج مِنها خَرج مِن مصاف اَلدُّوَل اَلْمُتَقَدِّمَة، وَالْيَوْم تَعالى معي لنتعَرف على جُزْء هَام من هَذا العَالم اَلرَّقْمِيّ وهو اَلْأُصُول اَلرَّقْمِيَّة في ظِل ثورة التحول اَلرَّقْمِيّ، فالمؤسسات أَصْبَحْت تَعْتَمِد بشكل كَبير على الأصول اَلرَّقْمِيَّة للتأثير على سلوك اَلشِّرَاء أو الخِدمة اَلْمُقَدَّمَة وبِناء اَلْوَعْي بالعلامة اَلتِّجَارِيَّة أو اَلْخِدْمِيَّة، وتُوَفِّر الأصول اَلرَّقْمِيَّة تمثيلاً مَرْئِيًّا لِمُنْتَجَاتِ أو خِدْمَات المؤسسات، وَتُسَاعِد على التواصل مع الجمهور اَلْمُسْتَهْدَف وَإِشْرَاكه من خِلال مجموعة واسعة من القنوات والوسائط فَالْأُصُول اَلرَّقْمِيَّة هي أساس هُوِيَّة علامتك اَلتِّجَارِيَّة أو اَلْخِدْمِيَّة، لذا فإن إدارة اَلْأُصُول اَلرَّقْمِيَّة الفَعالة أَمر لا بد مِنه.
فَالْأُصُول اَلرَّقْمِيَّة مَوجودة في كل مكان. مِن الصور اَلْمُخَزَّنَة على هواتفنا اَلذَّكِيَّة إلى الأفلام التي يتم بثها من المواقع اَلْمُخْتَلِفَة، وَالْمُسْتَنَدَات التي نقوم بتخزينها في السحابة، وأكثر من ذلك، يتفاعل مُعْظَم الأشخاص مع اَلْأُصُول اَلرَّقْمِيَّة مِئات، إن لم يكن الآلاف من المرات على مَدار اليوم، وتدرك اَلْمُؤَسَّسَات في جميع أنحاء العالم أن إِدارة اَلْأُصُول اَلرَّقْمِيَّة يُمْكِن أن تُسَاعِدهُمْ على زِيادة سُرْعَتهمْ في الوصول إلى السوق، وجَعلهم أكثر تركيزًا على اَلْعُمَلَاء، وتقليل الوقت عبَر عَملية دورة حياة اَلتَّصْمِيم بأكملها، حيث تُعَدّ إدارة اَلْأُصُول اَلرَّقْمِيَّة طَريقة رَائعة لِلْعُثُورِ على أصولك بسهولة ولكنها تَفعل أكثر من ذلك بِكثير. فلأكثر من مائة عام، اِحْتَاجَتْ الشركات إلى فهرسة اَلْمُسْتَنَدَات وتخزينها، ومع ولادة العَصر اَلرَّقْمِيّ، بحثت الشركات عن اَلتِّكْنُولُوجْيَا كبدائل لِلْخِزَانَاتِ التي تَشغل مِساحة مَكتبية ثمينة. حيث بدأت أنظِمة إدارة اَلْأُصُول الرقمية الأولى في الظهور في اَلتِّسْعِينِيَّات.
وَتَارِيخِيًّا، اِعْتَبَرَ اَلْعَدِيد من الأشخَاص أن اَلْأُصُول اَلرَّقْمِيَّة تتضمن فقط اَلصُّور ومقاطع الفِيديو، ولَكن على مر السنين، تم تَضمِين ملفات رَقمية أُخْرَى، مثل اَلْمُسْتَنَدَات وَالْعُرُوض اَلتَّقْدِيمِيَّة وجَداول البيانات والتصوير اَلْفُوتُوغْرَافِيّ وَالشِّعَارَات والرسوم اَلتَّوْضِيحِيَّة والرسوم اَلْمُتَحَرِّكَة والوسائط اَلسَّمْعِيَّة والبَصرية ورسائل البريد الإلكتروني ومواقع الويب والعديد من التنسيقات الرقمية اَلْأُخْرَى والبيانات الوصفية الخاصة بها. وَهُنَاكَ أيضًا أصول رَقْمِيَّة مالية، مثل المَحافظ الرقمية وَالْعُمُلَات اَلْمُشَفَّرَة، ويتزايد عدد الأنواع المختلفة من الأصول الرقمية بِشكل كبير بسبب العدد اَلْمُتَزَايِد من الأجهزة التي تُعَدّ قنوات للوسائط الرقمية.
ونظرًا لِهذا النمو الهائل في تطبيقات البرامج والتنوع الهائل لنقاط اِتِّصَال اَلْمُسْتَخْدَم التي تُغَطِّي نِطاقًا واسعًا من الأجهزة، فإن عالم الأصول الرقمية ينمو بشكل مُتَسَارِع. ويَتغير تعريف الأصل اَلرَّقْمِيّ باستمرار مع ظُهُور تَنْسِيقَات رقمية جديدة في جميع الأعمال اَلتِّجَارِيَّة وغير اَلتِّجَارِيَّة. ومن اَلْمُهِمّ أن نَتذكر أن تنسيق الملف هو جُزْء فقط من اَلْأُصُول اَلرَّقْمِيَّة، وَالْجُزْء الآخر من اَلْأُصُول اَلرَّقْمِيَّة مُشْتَقّ من القِيمة التي يَجلبها الأصل لِلْمُؤَسَّسَةِ، حيث تُوَفِّر جَميع اَلْأُصُول اَلرَّقْمِيَّة قَيِّمَة، ولكن لا يتم تَقْيِيم جميع اَلْأُصُول اَلرَّقْمِيَّة بالتساوي.
وفي الواقع، لا يُمْكِن اَلِاسْتِغْنَاء عَن بَعض اَلْأُصُول اَلرَّقْمِيَّة، والتي لها قِيمة تتجاوز بِكثير تكلفة إِنْشَائِهَا. ويجب التفكير أيضاً في اَلْأُصُول اَلرَّقْمِيَّة التي يَتعذر إِعادة إنشائها، وتمثل اَلصُّور أو مقاطع الفِيديو للأحداث التي تَحدث مرة واحدة في اَلْعُمْر. تُعْتَبَر هذه اَلْأُصُول أكثر قِيمة لمؤسسة أو فردًا من اَلْأُصُول التي قد تكون اِسْتَغْرَقَتْ وقتًا لإعادة إِنشائها ولكن مع بَعض الوقت وَالْجُهْد يُمْكِن تَكْرَارهَا. وبِصرف اَلنَّظَر عن اَلتَّأْثِيرَات البِيئية للوثائق الورقية والمِساحة المطلوبة لتخزينها، فإن إدارة اَلْأُصُول اَلرَّقْمِيَّة هى أفضل مُمَارَسَة لأي مؤسسة الآن للنجاح في اَلتَّحَوُّل اَلرَّقْمِيّ.
ولكن ما هو الأصل اَلرَّقْمِيّ؟ والأهَم مِن ذلك، لِمَاذَا يجب أن تَهتم اَلْمُؤَسَّسَات بِالْأُصُولِ اَلرَّقْمِيَّة؟ إذا كُنْت تُفَكِّر في تَنفيذ أُصُول رَقمية لمؤسستك لتَحقق تَحول رقمي نَاجح كيف تُدِير هَذه اَلْأُصُول؟ فإن اِمْتِلَاك فَهم قوي لِلْأُصُولِ اَلرَّقْمِيَّة والدور الذي تَلعبه أمر بَالغ الأهمية في اِتِّخَاذ قَرَارَات فعَالة تؤَدَّى لِتَحْقِيق أَهداف المؤسسة بِشكل كبير.
وبِداية نُشِير إلى أن الأصل اَلرَّقْمِيّ يُعْنَى أي شيء موجود في البيانات الثنائية التي تكون قائمة بِذاتها وقَابلة للتحديد بشكل فريد ولها قِيمة أو قُدْرَة على الاستخدام. فعندما نشأ المصطلح في منتصف التسعينيات، كانت اَلْأُصُول اَلرَّقْمِيَّة عِبَارَة عن عناصر مثل مقاطع الفِيديو والصور والصوت والوثائق. منذ ذلك الحين، أعطت التطورات اَلتِّكْنُولُوجِيَّة مُصْطَلَح حياة جديدة.
فالأصل اَلرَّقْمِيّ هُوَ كِيَان رَقْمِي مملوك لفرد أو مُؤَسَّسَة. ويشمل اَلصُّور اَلرَّقْمِيَّة ومقاطع الفِيديو والأغاني وغيرها. هذه الأصول لَيست ملموسة، أي ليس لها وجود مَادي. بدلاً من ذلك، فهِي عِبارة عن مِلَفَّات مَوجودة على جهاز تخزين، مِثل جهاز كٌمبيوتر مَحلي أو شبكة تَخزين قائمة على السحابة، وموجود في تَنسيق رَقْمِي يأتي مع الحَق في الاستخدام. والبيانات التي لا تَمْتَلِك هذا الحق لا تُعْتَبَر أصولا. فهي مَجموعة من البيانات اَلثُّنَائِيَّة القائمة بذاتها وقابلة للتحديد بِشكل فَريد ولها قِيمة ويتم تخزينها رَقْمِيًّا. فهي اَلشَّكْل الوحيد للبيانات التي يُمْكِن فَهمها وتَنفيذها بِشكل مُبَاشِر بِواسطة الكٌمبيوتر، لذلك فهذه هي اَلسِّمَة اَلْمُحَدَّدَة التي تَجعل الأصل رقمياً، وهذه الملفات يتم إنشاؤها إِلِكْتِرُونِيًّا، وهي موجودة كبيانات محفوظة على محرك تخزين رَقمي أو نظام كٌمبيوتر.
وعلى ذلك يمكنن تعريف َالْأُصُول اَلرَّقْمِيَّة Digital Assets بأنها سِجل إلكتروني تَملكه أو تُرَخِّصهُ أو تَتَحكم فيه. يَتضمن أي حِساب أو مِلَفًّاًّ رَقْمِيًّاًّ لديك صلاحية الوصول إليه – البريد الإلكتروني والخدمات اَلْمَصْرِفِيَّة عبر الإنترنت وحسابات الوسائط اَلِاجْتِمَاعِيَّة والتخزين السحَابي وَالْمُدَوَّنَات وأي شيء آخر تقوم به عَبر الإنترنت أو على هاتفك أو على جهاز الكٌمبيوتر الخاص بك يتطلب تسجيل الدخول.
ومع ذلك، يُمْكِن أن تُصْبِح العناصر المَصنوعة يَدَوِيًّا من اَلْأُصُول الرقمية؛ اللوحة أو الملاحظات المكتوبة بخط اليد أصولًا رَقمية إذا تم مسحها ضَوْئِيًّا وَتَحْمِيلهَا على جهاز كٌمبيوتر. وعلي عَكس أيام حِفظ اَلْمُسْتَنَدَات الورقية، هناك العديد من أنواع اَلْأُصُول الرقمية التي تحتاج إلى إدارتها، ولكل نوع أصل غَرض مُحَدَّد يتم اِستخدامه من أجله، وقد يعني ذلك الصور أو مقاطع الفيديو أو الملفات التي تحتوي على نص أو جداول بيانات أو مجموعات شرائح.
وتَظهر التنسِيقات الَرقمِية الجَديدة باستمرار وبِشَكل كَبير فعلى سبيل المثال لم نسمع عن ملفات 3MP قبل تِسعينيات القرن الماضي، ولِذلك يتوسع تعريف الأصل اَلرَّقْمِيّ دائمًا بدلاً من قائمة مُحَدَّدَة بتنسيِقات الملفات المؤهلة كأصل رقمي، يُمْكِن أن يَكون الأصل الرقمي أي محتوى، بأي تنسيق، يتم تخزينه رَقْمِيًّا ويٌوفر قيِمة للمؤسسة أو لِلْمُسْتَخْدِمِ أو اَلْمُسْتَهْلِك، ومن المٌهم أن نُدْرِك هنا أن المَلف الَرقمي يُمْكِن اِعتباره من الأٌصول عِندما يَحتوي على مَعلومات يُمْكِن استخدامها خَارج الملف والأصل أن تَكون هذه المَعلومات ذات قِيِّمَة ومفيدة وقَابلة للِاستخدام والوصول إليها بِسهولة.
وَتُعْتَبَر المِيتاداتا هي اَلْمِفْتَاح الرئيسي لتَحقيق ذلك حَيث إن المعلومات الوَصفية للملف تُشَكِّل تفاصيل اَلْأُصُول، حيث إنها بيانات رقمية تصف خَصائص المصادر اَلرَّقْمِيَّة اَلْمُتَاحَة علي شَبكة الإنترنت، أي جُمَل تَصف مصَادِر المعلومَات لكي تُمَكِّننَا من إِيجاد واستخدام وحفظ تلك المصادر، فالميتاداتا نتيجة للتطورات التي حَدثت في التسعينيات ووجود، كم هائل من المعلومات على شَبكة الِإنترنت والحَاجة لوجود أداة نستطيع مِن خِلالها تقنين مصادر المعلومات الموجودة على الإنترنت في شَكل مِعياري والوصول إليها، وهي كانت الطريقة الثالثة لتنظيم مصادر المعلومات الإلكترونية وإتاحة الوصول إليها بعد الطريقة الأولى وهي استخدام الأدلة وَمُحَرِّكَات البحث، والطريقة الثانية وهي قَواعد الفهرسة الوصفية لفهرسة المصادر الإلكترونية. ومن هنا نشأت الحاجة إلى الميتاداتا التي تتميز بأنها أبسط من تعقيدات نظم الفهرسة وأكثر فاعلية من أداء مُحَرِّكَات البحث، ويمكن فهمها بسهوله من جانب اَلنَّاشِرِينَ وَالْمُؤَلِّفِينَ وغَيرهم من الفِئات اَلْمَعْنِيَّة بنشر مصادر المعلومات الإلكترونية.
ومع أن مُعْظَم اَلْمُؤَسَّسَات تَستثمر الكثير من الوقت والمال والموارد الأخرى في إِنشاء الأصول اَلرَّقْمِيَّة بمختلف الطرق إلا أن الطريقة الوحيدة لاستخراج قِيمة مستمرة من تلك الأصول لتحقيق أهداف حقيقية للمؤسسة، هي التأكد من أن أعضاء فريق المؤسسة يُمْكِنهُمْ بِسرعة وسهولة تحديد اَلْأُصُول اَلرَّقْمِيَّة التي يحتاجون إليها، واستخدامها بشكل يُحَقِّق أهداف المؤسسة. وللحديث بقية، ،