كتبت/ د.هبه الببلاوي
في العلم قيل إن الجينات تورث ومن الواضح أن جينات الفراعنة في فن التحنيط مازالت موجودة في دماء المصريين .. وجينات دكتور نجيب محفوظ باشا مأخوذة من أجداده الفراعنة ذلك الطبيب قام بتحنيط الأجنة المشوهة لتكون منهج دراسياً يعود له الطلبة
والحكاية ببساطة ان في مصر موجود متحف مخصوص للاجنة المشوهة! المتحف بيضم اكتر من 1300 عينة من الاجنة المشوهة! والمتحف ده يعتبر الاول من نوعه في الشرق الاوسط وافريقيا…
المتحف موجود في القصر العيني ، واللي عمل المتحف ده هو الدكتور ( نجيب محظوظ باشا ) لأ مش هو الاديب العالمي نجيب محفوظ ، بس اسم نجيب محفوظ اصلا مرتبط جدا بيه ودي قصة لوحدها هنعرفها حالاً
المتحف ده اتعمل مخصوص للاجنة المشوهة و حالات الاجهاض! …
تعالوا نتعرف الأول على الدكتور ( نجيب محفوظ باشا ) اللي عمل المتحف ده
نجيب محفوظ اتولد سنة 1882, واتخرج من القصر العيني واشتغل كطبيب تخدير في السويس والاسكندرية ، وخلال عمله ساعد في كتير من عمليات الولادة ، وهنا لاحظ ان نسب الوفيات اثناء الولادة كبير جدا! في الفترة دي ماكنش متاح العمليات القيصيرية ولا في اي تطور في عمليات الولادة ، فهنا الدكتور تعاطف مع السيدات اللي بتشوف معاناه اثناء الولادة ، ولما شاف حالات الوفيات الكتير ، قرر انه يتخصص في طب النسا والتوليد ويسيب قسم التخدير ومن هنا يبدأ مرحلة ونقلة كبيرة في حياته الطبية اللي بعدها اصبح رائد طب النسا والتوليد في تاريخ مصر ….
قراره انه يتخصص في طب النسا كان شيء صادم لكتير من الدكاترة زمايلة ؟ لان في الوقت ده مكانش في طبيب رجل بيعمل كطبيب نسا لان مفيش ست هتسمح لنفسها تروح لدكتور راجل يكشف عليها!
لكن اللي مكنش متوقع ان السيدات تقبل انها تعرض نفسها للكشف على يد الدكتور ” نجيب ” ففي السنة الاولى من عمله كطبيب في السويس استقبل اكتر من 810 حالة ، وفي السنة التانية وصلت الحالات لـ 1310 , اتفاجئ كل الاطباء في القصر العيني بان في طلبات كتير على قسم ( النسا والتوليد ) فهنا طلب جراحيين من عميد الكلية بان يتم افتتاح قسم امراض النساء بالقصر ، وتم العرض على ” نجيب ” انه يكون مدير للقسم لكنه رفض ، باعتباره يعني طبيب تخدير في الاساس، واقترح عليهم ان يتم تعيين استاذ أمراض نساء من الخارج ، وان يكون هو مساعدا له….
اثناء عمل الدكتور ” نجيب ” في قسم امراض النساء شاف مجموعة كبيرة من الحالات، اللي كانت معظمها بتعاني من مشاكل وامراض متوراثة ، وطبعا مكانش في اجهزة متطورة زي السونار تكشف الامراض دي لكنه قدر يكشتفها بخبرته، حصر اكتر من 300 حالة بتتفاوت ما بين اورام نادرة أو تشوهات أجنة، هنا بقى الدكتور ” نجيب ” اقنع أهالي المرضى انهم يتنازله عن جثث الاجنة ! والجثث دي كانت لاجنة نتيجة لحالات السقط …
وبعد كده جاب من فرنسا المواد الكيميائية ، واواني زجاجية لحفظ الاجنة…
حفظ الاجنة اللي اخدهم من المرضى ، وفي سنة 1928 كان في الوقت ده القصر العيني بيحتفل بمرور 100 سنة على انشائه ، وحضر الاحتفال عدد كبير من الاطباء الاجانب ، وهنا فكر ” نجيب ” انه يعرض عليهم العينات النادرة اللي احتفظ بيهم! اتفاجئ بعدها الدكتور ” نجيب ” ان بعد ما الاطباء شافوا العينات انهم انبهروا جدا بيها وطلبوا منه انه يتبرع بجزء منها للقصر العيني، وافق وبالفعل اتبرع بـ 1500 حالة ، وتم انشاء متحف خاص بيهم ، وافتتح المتحف في سنة 1932م… واتبرع بباقي العينات لتلات جهات وهي جامعة الاسكندرية واسيوط ، واتبرع كمان بجزء تاني لاحدى الجامعات في دولة السودان…
المتحف موجود في القصر العيني ، لو دخلتوا هتشوف مجموعة كبيرة من صناديق من الزجاج وبداخلها اجنة لاطفال مشوهين ! المنظر غريب جدا ، والمتحف ده اول متحف من نوعه في الشرق الاوسط وافريقيا..
طب نيجي بقى لقصة الاديب العالمي ( نجيب محفوظ ) ايه دخله بالقصة؟ بص يا سيدي اتقال ان والد الاديب العالمي ( نجيب محفوظ) لما تعثرة ولادة ابنه سنة 1911 استدعى الدكتور ( نجيب محفوظ باشا ) اللي نجح انه ينقذ حياته ويخرجه للدنيا ! طبعا والده فرح جدا ومن شدة فرحه سمى ابنه ( نجيب محفوظ ) على اسم دكتور النسا الشهير نجيب محفوظ باشا!…
لتنتقل العالمية من نجيب محفوظ الطبيب لنجيب محفوظ الاديب العالمي….
منظر الاجنة ليه رهبه وفي نفس الوقت فيه فخر بعظمة الأجداد اللي موجوده في كل جيل
رحمك الله دكتور نجيب محفوظ باشا ودام إسمك في سماء العلم مخلداً لا يغيب