كتبت/ سهام سمير
تحدثنى صديقتي عن الموضوعات الغير المنتهية، الأبواب المواربة، وعن الجروح التى لا هي شفيت ولا هى نسيت.
تذكرني بجدتى وهي تجمع قصاقيص الاقمشة، تلك التى بقيت من فستان او بنطلون فصلتهم، تجمع البقايا تصل كل القصاقيص ويكونوا بين يديها مثل الكرة.
يأخذها منها صانع السجاد، يعيد صياغتها فتتحول بين يديه مشاية او سجادة صغيرة او كبيرة حسب حجم الكرة.
أين تعملت جدتى هذه الحرفة؟ من أوحى لها بفكرة استخدام كل قصقوصة واعادتها مرة أخرى !.
أفكر كثيرا فى الخيال الذى جمح بها من اعادة تدوير بقايا القماش ودمج كل محتوياته على هذه الشاكلة،بينما تجد صديقتى فى الحكاية طرفان يبدأها، تجد طرف واحد يقرر انهائها، لا سيما حكايات الحب.
ياتى الوجع من القرارات الفردية، نادرا ما نجد اثنين اتفقا على الفراق، بالعكس، بينما يصر أحدهما، يتمسك الأخر او على أقل تقدير يتردد.
أراقب جدتى بينما تبرم لفات القماش، وتجمعها، وأسالها:
لماذا لم ترميها بدلا من هذا الجهد بلا طائل؟
فتخبرني؛ أن لكل شيء لزمة ولكل بنى ادم عوزة,تحسب حساب الايام القادمة،لم تعش جدتى للزمن الذى يحذرنا فيه الجميع من البقاء فى علاقة مؤذية أو الاستماع الى أصحاب النظرات السوداوية.
عاشت زمن يقدر كل فتفوتة، لا يستطيع ان يفارق بقايا الاشياء، يتمسك بها، ويعيد تشكيلها من جديد.
اخبرها بأفكار صديقتى عن المواضيع بلا نهاية او قفلة كما تقول، فتقول لي:
انها تجمع بقايا الاقمشة وتغزل نسيجا جديدأ، حكاية جديدة، شكل جديد، كان فستان، صار سجادة، او مفرش او ملاية سرير.
لا تعلم جدتى ان كاتبي الروايات يفضلون النهايات المفتوحة، يتركون القارىء يتخيل النهاية كما يريد.
ماذا لو كان هناك خيار ثالث يا صديقتى، كأن نصنع من النهايات بداية جديدة، كأن نبروز الحكاية ونلتقط لها صورة جميلة، بعيدا عن قطعها.
بعض الحكايات يا صديقتى لها بقايا، تصلح لأن يعاد صياغتها بشكل جديد. أعلم ان حكايات الحب لا نستطيع أن نحولها لصداقة لكن من يدرى قد نستطيع أن نصنع منها رواية جميلة أو قصة قصيرة، أو رسالة ملهمة .
أنا أؤمن بعقيدة جدتى فى لملمة أطراف الحكاية، وتكويرها ثم فردها مرة أخرى، لكني أتفهم وجهة نظر صديقتي فى أن بعض الحكايات ليست بقايا اقمشة لكنها ثقوب، تبتلع طاقتنا وتؤذينا كلما عبرنا بها وسقطنا فى فوهتها,بعضها براكين بحمم تفاجئنا بانفجارها.