علمُ الغيبِ

بينَ تُرَّهاتِ المنجمينَ وحكمِ الدين
سلسلة حلقات
بقلم/ حمادة توفيق
(9) ..
نبوءةُ نبشِ القبرِ:
تُوفي نوستراداموس في عام 1566، ومن أشهر تنبؤاته والتي أذهلتْ الجميعَ أنه بعد انتهاءِ الثورةِ الفرنسيةِ بأربعةِ أيامٍ عامَ 1799، قام ثلاثة سكارى فرنسيين بنبش قبره فوجدوا جثته، ومعلقٌ على صدرهِ قلادةٌ كبيرةٌ محفورٌ عليها بخطهِ تاريخُ وفاتهِ على جانبٍ وعلى الجانبِ الآخرِ وجدوا ما يلي مكتوباً:
” بعد انتهاء الثورة الكبرى بأيام – وكُتِبَ تاريخُ اليومِ الذي نبشوا فيه قبره – سيقومُ ثلاثةُ سكارى بنبش قبري، وعندما يقرؤون آخرَ نبوءاتي سيهلعونَ وتطاردهم الشرطةُ فتقتلُ اثنين و يُصابُ الآخرُ بالجنون”.
و فعلا ما أن قرؤوا هذا حتى هلعوا و ركضوا و طاردتهم الشرطةُ، فأطلقت عليهم النار ومات اثنان، وعندما يرى صديقهم مقتلهم يصيبه الجنونُ، ليثبت نوسترادموس حتى بعد موته أنه بحقٍ ظاهرةٌ تستحقُّ الدراسةَ.
نبوءةُ هزيمةِ ألمانيا في الحربِ العالميةِ الثانيةِ.
عندما علمت زوجة غوبلز وزير الدعاية في حكومة هتلر إبان الحرب العالمية الثانية عن نبوءات نوستراداموس والتي لم تكن على هواها، أيقظت جوبلز من نومه، ففزع من هذه التنبؤات، وعلى الفور لجأ للدعاية المضادة واستخدم منجماً يُدعى كرافت، وكان الغرض من ذلك إحداث تأثير عكسي على شعوب أوروبا، وقد اتضح فيما بعد أن كرافت هذا كان يستنسخ بعض تنبؤات نوستراداموس ويعمل على هديها، وبالطبع صدقت نبوءات نوستراداموس بهزيمة ألمانيا.
هل الحرب العالمية الثالثة وشيكة الحدوث؟
يروي نوستراداموس في إحدى الرباعيات رقم 10:89 أنه ستنعم البشرية 57 سنة من السلام والرفاهية، ويفسرها البعض على أنها فترة تفصل بين حربين هما الحرب العالمية الثانية (وقعت في عام 1945 والتي يُزعم أن نوسترادموس تنبأ بها) والحرب العالمية الثالثة الأخيرة، أي في عام 2002، ويرى البعض أن أحداث 11 سبتمبر إشارة لبدء الحرب التي ستقع خلال العقد القادم أي في حوالي عام 2012، حيث سيغزو جيش المسلمين أوروبا بدءاً من أسبانيا ويدمرون روما وينضم إليهم حجافل الروس، وأن أحداث 11 سبتمبر هي مجردُ إنذارٍ مبكرٍ لتلك الحربِ حسب ما يزعمون.
وفي الختامِ فإننا حين نتحدث عن تنبؤات نوستراداموس فإننا نتحدث عن أشهر شخصية مارست التنبؤ في التاريخ بل وأطول مساحة زمنية امتدت عليها التنبؤات، لقد امتدت خمسة قرون بدءاً من أواسط القرن السادس عشر وحتى نهاية القرن العشرين.
ولقد حظيت هذه التنبؤات بمعدل طبعة في كل عام منذ بدء نشرها، وهذا ما لم يحدث لأحد من قبله، كما تعرضت هذه التنبؤات إلى التزوير من قبل عشرات الكتاب والسياسيين وكثير من المؤرخين الذين حاولوا تكييفها لظروف دعائية وحرب نفسية.
هذا وغن مصداقية هذه التنبؤات فإنها تكمن في التاريخ الواقعي للعالم الذي تحدث عنه، فلم يعرف التاريخ تنبؤات صدقت بدقة وتفصيل – سواء كانت ذات طابع فردي أو جماعي – مثل تنبؤات نوستراداموس.
لقد تضمنت هذه التنبؤات أحداثاً تاريخيةً وسياسيةً وفكريةً وعلميةً وتكنولوجيةً وجغرافيةً، كما تضمنتْ تنبؤاتٍ حول الأسلحة الحديثة وعن اكتشاف القنبلة الذرية وعن استخدام الفضاء للحروب وغيرها، والأكثر من ذلك أن هذه التنبؤات تحدثت بشكل تفصيلي عن مؤامرات واغتيالات وثورات لا يمكن ان تخطر على ذهن أي إنسان عاش في زمنه.
ولهذا كثرت الشروح لهذه التنبؤات، كما كثر الاهتمام بها من القادة الكبار الذين حكموا العالم في فترة تنبؤاته بل وروّجوا لها ووظفوها كدعاية نفسية لهم.
وهذا الكتاب يضم النص والشرح لتنبؤات نوستراداموس، حيث عمد المترجم إلى وضع قبالة كل رباعية ترجمة حرفية جداً ليشير بعد ذلك إلى موضوع النبوءة في التاريخ، مشيراً إلى أسماء الأعلام والكلمات الغامضة المرتبطة بزمان تحقق النبوءة.
يدعي بعض الناس في عصرنا الحالي قدرتهم على التنبؤ كما فعل نوستراداموس بأحداث في المستقبل ويزعمون أن أحاسيس أو أفكار تراودهم من خلال الحاسة السادسة (التخاطر أو الاحساس باقتراب الخطر) منذ نعومة أظفارهم، فتستضيفهم وسائل الإعلام لمعرفة ما سيدلون به للعام القادم أو الأعوام القادمة، أمثال ميشيل الحايك و سمير زعيتر وليلى عبد اللطيف وغيرهم، ربما أعطى الله بعض الناس رؤىً عن المستقبل عبر الأحلام أو الإحساس، ولكن يجب أن لا ننساق كلياً وراء ما يقولون وأن نحكم العقل، كما يجب إخضاع جميع تصريحاتهم – الصادقة منها والكاذبة- للدراسة ومعرفة نسبة ما صدق منها وما كذب، وحتى الصادقة منها يمكن أن تكون مجرد استنتاج منطقي لما يقرؤونه من أحداث حالية، وعلى كل حال غالباً ما تكون “النبوءات“ التي يصرحون بها غامضة وقليلة التفاصيل حتى لا يقعوا في فخ الاتهام عندما تتم مواجهتهم بها، ويردون على الخاطئ منها بادعائهم أن معظم الصور الذهنية التي تتراءى لهم تكون مشوشة.
كذلك نبوءات نوستراداموس فإنها قابلة للتأويل والتفسير، فمنهم من يربطها بما يجري الآن من أحداث كتفسير “محتمل” لشيفرة أو لغز إحدى تلك الرباعيات، وعلى كل حال تلك الرباعيات مختلف في تفسيرها، لكن “النبوءة” الحقيقية تكون جلية وواضحة ومليئة بالتفاصيل ونشاهدها عند الرسل والأنبياء الذين أعطاهم الله من علمه لكي تكون معجزة لغير المؤمنين لكي يؤمنوا.
وعلى أيِّ حالٍ يبقى سر نوسترادموس بالنسبة لنا كمسلمين تنجيماً في تنجيمٍ، وكما قلنا: كذب المنجمون ولو صدقوا.
#يُتبع

Comments (0)
Add Comment