كتب \ شريف مصطفى
“أعشقها كما هي، لا زيادة أو نقصان، هي كاملة والطريق الأوحد إلى الكمال، ليس الفناء بمُهدد لها، إنما هي الأصل والخلود، ليست محدودة على الإطلاق وإنما نحن من نحدد عقولنا، فلنترك عقولنا تسبح خلف الآفاق، هي ليست دنيا، بل هي بعيدة كل البعد، عالية جل العلوّ، غامضة أمتع غموض، هي بريئة من محض وجمود المادة، تحتاج إلى عقل خالد ليسعى في ملكوت الكون باحثًا عن متعة الوجود، وراغبًا في الخلق، وعازمًا على لمس آخر أطراف الأبدية على الأرض.
الكل يرتعد من الحقيقة ويسلّم إيمانه لها بسلبية ساذجة، ويتبادر إلى ذهنه حصون أمان خاوية، وما هي إلا حواجز ضارية، لا حاجة للتسليم بغريزة الخوف؛ فاكتساب القدرة أسرع من طاعة الغريزة، وهذا ما يخفى علينا أمام سلطان العقل، لعقلك غريزة خاصة أنت مقررها، ويخضع لها ما حولك بدافع مُحتشم من الإرادة، بها تملك الوصول إلى مدى لا تراه، وأنت خالد لا تحتاج إلى محددات.
فقط اِلتهم الزمان حتى يذوب مع جسدك، واترك عقلك مُجردًا يقودك إلى أعالي الأكوان، عِش، استمتع، بالِغ، اسعَ، لا تلتفت إلى أصنام عاداتك وأحاديثك، واترك أنهار عقلك تسري وتفيض، وآذانك تدور مع أنغام الموسيقا، وعينك ترى كمُبدع سبق له رؤية الجميل ويبحث عن أجمل لا ينتهي، وإياك أن تصبح سجين اللمس؛ فهي حاسة ليست للأرقياء، وأنت الأرقي في الكون.
أنا العاشق، أنا الراغب، أنا القوي، بداخلي غرائزي أضعها دومًا أمامي، ونسيت غريزة الخلود، فكوني إنسانًا يعني أني خالد، أيًا كان الكون الذي سأخلد فيه، وإن كنت أجهل مكان هذا الكون فأنا واثق بوجود وسيلة قريبة تتأنق في صورة عقلي، فهو السبيل، وهو الغاية، به وحده أخلق من الخيال نِدًا للحقيقة الواحدة، وأصبح إنسانًا خالدًا ضد الموت.”